اتهم رئيس رواندا كلاً من فرنسا وبلجيكا بالتحضير السياسي للإبادة الجماعية التي وقعت في بلاده عام 1994، في ذلك العام قتل 800 ألف رواندي معظمهم من قبائل التوتسي. بلجيكا هي المستعمر القديم للدولة الأفريقية والأكثر خبرة بواقع التعدد والتناحر، الألغام الموقوتة، وفرنسا هي الدولة الحاضرة أفريقياً والمؤثرة، وقواتها كانت موجودة أثناء المذابح.
الاتهام الذي أطلقه رئيس رواندا بول كاغامي ليس الأول، قال في لقاء مع مجلة «جون أفريك»: «بعد 20 عاماً، المأخذ الوحيد المقبول في نظر فرنسا هو أنها لم تقم بما فيه الكفاية لإنقاذ أرواح خلال الإبادة». وأضاف: «ذلك واقع، لكنه يخفي الشق الأساسي: الدور المباشر لبلجيكا (القوة المستعمرة سابقاً) وفرنسا في التحضير السياسي للإبادة والمشاركة فيها وفي تنفيذها» انتهى.
ليس من السهل على رئيس دولة فقيرة وضعيفة ومنهكة أن يتهم دولة عظمى إلا بأدلة دامغة يمتلكها، لكن ما هي حال العالم العربي في مسألة «التحضير السياسي»؟ ما مدى مساعدة الغرب المطالب بالحرية والديموقراطية في التحضير السياسي لما تشهده كثير من الدول العربية؟ بالطبع بمشاركة العرب ما بين جامد ومتحرك، الجمود من الأنظمة السياسية، والتحرك من الطامحين والمستخدمين على غير هدى.
خذ ليبيا نموذجاً حاضراً طازجاً ماذا فعلت فرنسا ساركوزي قبل وبعد؟ – الحكومة الليبية وقّعت قبل أيام اتفاقاً مع «إقليم» برقة للسماح بفتح ميناء – الغرب يحصد النتائج والأرباح دائماً، وفي كل الأحوال يستخدم الحقوق والدماء، ولا يمانع من المشاركة في انتهاك الحقوق وإراقة الدماء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ولديه المبررات، يؤشر بإصبعه إلى صورة الديكتاتور المستبد وهو من شارك في صنعه.