باقية هي وزارة الشؤون الاجتماعية على واقعها القديم، تقوقع مزمن، لم تستطع اللحاق بالنمو والتغير الاجتماعي الكبير الذي نشهده، فضلاً عن استطلاع توجهاته، ولولا أخبار عن الضمان الاجتماعي وأحداث في دُور رعاية مختلفة يضعها الإعلام على الواجهة، لربما نسينا أن لدينا وزارة مختصة بالشأن الاجتماعي بكل تفاصيله وتشعباته، وهو شأن ثري يعيش الآن حراكاً وتغييراً مقلقاً في جوانب منه.
لنأخذ نموذجاً وحيداً من ظواهر سلبية عاشها ويعيشها المجتمع، أقلقته وأرقته من دون تحرك جهات للطمأنة، جنوح عاملات منزليات إلى العنف، من القتل المتعمد إلى محاولاته، ولنأخذ شريحة العاملات الإثيوبيات تحديداً، وعلى رغم عدم وجود إحصاءات وأرقام توضح لنا حجم هذه الظاهرة، إلا أن المنشور والمتداول يشير إلى أن هناك مشكلة تستحق وقفات اجتماعية وأمنية، ليست بالتأكيد حالات فردية.
أبسط الأمور هنا أن تقوم الجهة المختصة بالشأن الاجتماعي بالتقصي والبحث وإعداد دراسات معتبرة تغوص في الأسباب وتضع الحلول، هذا لم يحدث ولا أتوقع حدوثه.
لكن العتب هنا ليس على هذه الوزارة بل على وزارة الداخلية، لأن شق الأمن الجنائي في هذه الظاهرة صار حاضراً بقوة، أتذكر أنه توجد في وزارة الداخلية إدارة باسم مركز دراسات الجريمة، كان طيب الذكر الدكتور حمد المرزوقي في الماضي مسؤولاً عنه وكان له نشاط في ذلك الزمن، لكن لا أعلم الآن هل بقي هذا المركز عاملاً وما هي أحوال قدراته.
إنما نحن بحاجة لدرس الأسباب وجذورها، لمعرفة مكامن الخلل، وللرد أيضاً على كثير من الإشاعات التي تحيل تلك الجرائم إلى منابع طائفية أو طقوسية وهو أمر خطير لو صحَّ. إن وزارة الداخلية معنية بهذا الملف، وهي في تقديري قادرة على هذا الفعل مع حاجة له أصبحت ملحّة.
والعجيب في مسألة إهمال دراسات الظواهر في المجتمع أن لدينا عدداً كبيراً من خريجي وأكاديميي الشأن الاجتماعي، لكننا مع هذا العدد لم نَرَ كيفاً يستحق النظر إليه.