الأيتام

الصحافيون شر لا بد منه عند البعض، وبالنسبة لآخرين فهم أدوات للزينة تكتمل بهم المناسبات، ولم أجد مثل صحافيينا أيتاما يطبطب على رؤوسهم، وترسل لهم الدعوات لحضور مناسبة ويتحولون إلى مشكلة في المناسبة، ويبحل بهم الداعي لا يدري أين يضعهم إلى أن يستقر الأمر والموقع في آخر المواقع· وقد يدعون لحضور اجتماع مثلا ثم يطلب منهم الخروج والاجتماع لم يبدأ، فالمطلوب منهم  نشر الأخبار بالصيغة المرفقة والصورة المرفقة، وليس لهم الحق في الحصول على معلومة في شأن عام، اللهم إلا بجهودهم  الذاتية، والمفضل دائما أن يبقوا بعيدين إلى حين طلبهم، فهم أقرب لأن يكونوا أجهزة تسجيل بأزرار وتقوم إدارات العلاقات العامة بدور الريموت كنترول· ووقت الصحافي بالنسبة لمثل هؤلاء أمره هين مثل شخصه و>بداله غيره<، الصحف كثيرة والمتطوعون أكثر· الصحافيون مثل الأيتام لأنه لا توجد لهم مظلة، لا ناد ولا جمعية ولا غرفة ولا حتى >صندقة< تظللهم وتعطيهم حق الحصول على المعلومة، المعلومة العامة التي تهم الناس وليست المعلومة الخاصة التي قد يمس نشرها مسألة وطنية حساسة مثلا· ومثل هؤلاء لديهم فكرة أن الصحافيين جميعا مجرد مخبرين أو ناقلي أخبار، وفي رواية >نمامين< ما إن يسمعوا كلمة إلا ويتلهفوا على نشرها، غير عابئين بآثار النشر وغير معنيين بالمصلحة العامة ·· إنهم أجهزة تسجيل لاقطة ابتلي بها المجتمع، ولا يوجد لدى هؤلاء تقدير شخصي لأحد، فالصحافي صحافي، بتلك الصورة التي ذكرتها، أيا كان موقعه وشخصه واهتماماته وتجربته·
هذا هو واقع الصحافي لدينا، ومطلوب منا نحن الصحافيين مثلما هو مطلوب من زملائنا الذين يملكون حقوقا ومظلات· لكن ما الذي جرى لأشرك القارئ في هموم المهنة؟ في الحقيقة أمران وراء ذلك: الواقع الذي يجب أن يتطور إذا أردنا للصحافة موقعا رياديا تنمويا، والثاني ما حصل في غرفة تجارة الرياض يوم الإثنين الماضي فقد دعت غرفة الرياض الصحافة لحضور لقاء لمعالي أمين المجلس الاقتصادي الأعلى مع رجال الأعمال وحين بدأ >لب< الاجتماع طلب من الصحافيين الخروج والانتظار إلى حين استدعائهم ليقال لهم أخيرا ما معناه إن وجهات النظر متطابقة· لم أتمكن شخصيا من حضور الاجتماع ولذلك لا بد أن أحاول استنتاج ما دار في الغرفة المغلقة، وهذا موعدنا معه الأحد المقبل·

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الاقتصادية. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.