شارون في كرتون

أديرت الكاميرا وأعطت ظهرها لشارون وبقدرة مخرج فذ يمتلك القوة والمال سلطت العدسة على العراق، واستخرجت صورة شرير محسوب على العرب والمسلمين من الأرشيف المكتظ بالصور، بعد تبخر أثر صورة ابن لادن وتلاشي الأخبار عنه إلا من جولات ليلية لشبح على ظهر حصان، وللمشاغلة أبرزت موجة استهداف المملكة ومصر من قبل الإعلام الأمريكي بتقارير ومقالات ورفع قضايا وحجب مساعدات وإحياء خلافات حدودية، فإذا لم تصب في مقتل فإنها ستفيد بالمشاغلة والدفع للانكفاء واتخاذ موقف الدفاع، وفي هذه الأثناء يمكن لدويلة صهيون أن تفعل ما يحلو لها من اغتيالات ومجازر واجتياحات تصفي من خلالها كل ما يمكن أن يقف في وجه مشروعها، وفي مقابل قضية وحيدة رفعت في بلجيكا ضد شارون وأجهضت، رفعت قضايا عدة على العرب والمسلمين أفراداً ومؤسسات.. و.. دول مستقبلاً، ونسي من رفع هذه القضايا محاسبة عهدين رئاسيين أمريكيين عاصرا ووجها تلك المرحلة.
شارون الذي انزعج باسمه حليفه بيريز من حلقات كوميدية عربية بسيطة ووقتية التأثير، بثت في شهر رمضان، يسعد الآن بالعمل على إنجاز خطته بهدوء ومن دون أن يزعجه أحد، ولا بتصريح هوائي واحد، ولا ينزعج إلا في حالة عملية فدائية تصيب بعض من انتخبوه، هو الآن يعمل بلا كلل على قصقصة الأجنحة والأيدي والأرجل.
ماذا عمل الإعلام العربي لترسيخ شخصية الشرير اليهودي التي يمثلها شارون أفضل تمثيل، ذاك الجسد الضخم بيديه الملطخة بدماء الأطفال، وقلبه البارد حد التجمد، الرافض لكل التنازلات المذلة المقدمة له، هذا العملاق الشرير البشع أراه وهو يقود جرافة تهدم البيوت على رؤوس أصحابها من النساء والأطفال وهم نيام، وأشاهده وهو يرسل القاذفات لضرب شقق سكنية، ويهاجم بالصواريخ مخيمات شبيهة بالأعشاش، ولا يستثني سيارات الركاب، ماذا عملنا لنؤسس في أذهاننا أولاً حيزاً مهماً لهذه الشخصية الشريرة، لقد تلاشت من أذهاننا صور غوالدا مائير بقبحها، دايان بعينة الواحدة، مناحيم بيجن، رابين، نتنياهو، رغم كل ما فعلوا، كان كل هولاء ومن قبلهم مخلصين لأنفسهم وجنسهم على حسابنا، وحاولوا أن يستولوا على كل شيء ألا يمثلون نموذجاً رائعاً لعصابة الشر اليهودية، أين نحن العرب من استثمارها!؟
قبل أشهر وبالمصادفة التقيت بالمنتج المالك لحقوق المطرب أو المنلوجست، سمه ما شئت، الشعبي المصري شعبان عبدالرحيم الذي اشتهر بأغنية “أنا بكره إسرائيل”، ما دفع محطة “السي ان ان” للبحث وإجراء تحقيق عنه، واتفقنا على انه ظاهرة ومؤثر، رغم بساطته وتواضعه وتواضع ما يقدم.. لكنه موجة “ضاربة” استهوت الجيل الجديد فهو يغني أيضاً “الديك حب وزة”!، واقترحت على المنتج أن يقدم شعبان عملاً عن شارون، وأعجبته الفكرة ولا أعلم ماذا حدث بعدها من تطور، هذا نموذج بسيط ومتواضع لترسيخ الشخصية الشريرة وما أدعو له الآن هو حلقات لفيلم كرتون يستلهم هذه الشخصية الشريرة ويرسخها في عقول الجيل العربي الجديد، ويمكن أن تصدر مثلما استوردنا المسلسلات المكسيكية، هل من مبادر من أصحاب المال والانتاج الفني؟، أم أن السوق والإنتاج محتكر لمطربين ومطربات “يتعفطون” أمامنا كل لحظة وكأنهم مصابون بمغص حاد!!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.