تظليل

كان نظام المرور يعتبر تظليل زجاج السيارات من المخالفات، وهذا لم يعنِ أن عملية استيرادهها أو بيعها أو حتى لصقها تعد مخالفة.

وقبل وقت قصير سمح بتظليل جزئي للزجاج وبقي كل ما تجاوزه مخالفاً للأنظمة، وليس في ذلك أي تظليل، الأمر الآن منطقي وأصبح هناك سبب للاستيراد والتظليل.

لكنك ترى الآن سيارات مظللة بالكامل من كل الجهات الأربع تسرح وتمرح، التناقض ذاك طاف بذهني وأنا أستمع لسؤال يقول لماذا ينضبط السائقون في الدول الخليجية المجاورة على عكس ما يحصل في طرقاتنا، رغم التشابه الكبير بين الأوضاع، السائقون من نفس الجنسيات، أنواع السيارات متماثلة، لا فوارق ملحوظة في اتساع الطرقات وتخطيطها، الفارق الوحيد هو في اختلاف إدارات المرور ونحن… أقصد السكان، ولكننا.. نحن ننضبط في الغالب إذا ما قدنا سيارات في الخارج، وحتى ذلك السائق الآسيوي نفسه الذي يمتطي صهوة الليموزين أو سيارة النقل هو نفسه يقودها بشكل آخر أكثر اتزاناً في شوارع دبي أو المنامة، وكنت في السابق أعتقد أن فرض دفع مبلغ يومي على سائق الليموزين من قبل الشركة التي تستخدمه هو السبب في تصرفاتهم المتهورة في شوارعنا، ثم اكتشفت أن وسيلة الدفع تلك، إن جاز التعبير، معمول بها في غالبية دول الخليج المجاورة، ولم ينتج عنها تهور من قبل أولئك السائقين مثل ما يحدث لدينا والليموزين مثال جعله واضحاً وبارزاً السمة المشتركة.

الحركة المرورية في بلد تنبئ بصورة ما عن أهله، وعن حارس تلك الحركة أيضاً، لذا.. إذا أردت أن تعرف سبب تأخرنا المروري اذهب إلى المرور، اذهب مثلاً إلى مقر المرور في الجوازات سوف تشاهد في تلك الصالة نموذجاً لطيفاً لحركتنا المرورية، أول ما ستدخل إلى تلك الصالة الصغيرة ستتصور أنك في تقاطع سريع تعطلت فيه إشارات المرور، تجمعات هنا وهناك، محاولات للمرور من أصغر المنافذ والأرصفة، ولغط بشري أقرب إلى منبهات السيارات، سوف تجد لوحات إرشادية ليس لها معنى أي انتهى سبب وجودها فتحولت إلى لوحات “تتيهية”، ولكن أصبح لها نفع فذلك “التضييع” يفك بعض الاختناقات، وهو ما يقوم به المرور كلما شاء.

ستسمع أصواتاً بشرية ناهية آمرة، لا يشبهها سوى مكبر الصوت العتيد في سيارات المرور، بنفس القاموس ولن تفاجأ بمستوى التعامل على الاطلاق بشرط أن تربطه بحجم المخالفات، فالعلاقة تصاعدية، أنت في الحقيقة أمام مشهد من مشاهد لطاش ما طاش لم يصور بعد، ولو عرف بها ناصر وعبدالله لسارعا إليها، ستنزعج في البداية لكن سرعان ما تتكيف مع الوضع لسبب بسيط وهو أنك كنت قبل قليل تقود سيارتك.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.