أصبح العالم يعرفنا بأمرين بينهما فارق شاسع في الأهمية، إخفاق مخزٍ في محفل كأس العالم وهو أمر هين مقارنة بالأمر الآخر الأخطر، وهو ربطنا بالإرهاب الدولي، هكذا يختصر صديقي انطباعه بعد زيارة لأوروبا، والصورة عن العربي النفطي أو الصحراوي تحديداً كانت خيمة عربية وجملاً ومن ورائهما منصة لاستخراج النفط وسط فضاء صحراوي مترامي الآفاق، تحولت الآن فانقلب خرطوم محطة الوقود في يد العربي إلى مدفع رشاش موجه بحقد وكراهية عمياء للعالم الغربي، العالم السيد والمتحكم، والرقم 11الذي يشير إلى يوم الثلاثاء من سبتمبر الماضي أصبح، بفعل ارتدى ملابس الجهاد، نذير شؤم في الذهنية الغربية لينضم إلى شقيقه الرقم ثلاثة عشر، ولم تكن صورتنا في المخيلة الغربية صافية للعربي والمسلم، لكن الأحداث رسخت الصورة المشوهة عنا، وقدمت خدمات جليلة للأعداء لا تستطيع مئات شركات العلاقات العامة والمنظمات المتطرفة عمله وإنجازه في سنوات، وبعد عام ثقيل ولزج نشعر به هنا نستطيع وضع حساب للأرباح والخسائر التي نتجت من جراء غزوتي نيويورك وواشنطن حسب شريط قناة الجزيرة الأخير، النتيجة خسائر بالجملة في كل اتجاه، والقضية المحورية توارت بل أن 11سبتمبر وفّر المناخ المناسب لأن تفعل إسرائيل أكثر مما فعلت، ولأن يلتصق الحليف الاستراتيجي لها بها أكثر من أي وقت مضى بل تجاوز الأمر حدّه إلى تعريض علاقاته القديمة مع شركاء له إلى الخطر، أصبح ينظر إلينا كأعداء وهنا فارق كبير أدت الأحداث وتسارعها ونوعها إلى اختزاله ليصبح نقيضاً، والذي شاهد وصية أحد المنفذين على شاشة الجزيرة والتي أذيعت بالكامل يستشعر الخطر الكبير، والأسس التي أقنعته وزملاءه وذكرها في وصيته وجعلتهم يضحون بأنفسهم بهذه الطريقة ولذلك الهدف لابد أن يتم الرد عليها من كبار علماء العقيدة عندنا فلا تترك، فهي قد وصلت إلى الملايين، ورسخت في الأذهان أن هذا أمر من الضرورة والآنية بمكان خاصة والتركيز الإعلامي الآن على الذكرى والعيون كلها على الشاشات، ولابد أن يتم ذلك بالمناقشة والتوضيح الهادئ السمح، هذه الأدبيات بالتأكيد أنها وجدت طريقها إلى شباب آخرين وهي مثيرة للبلبلة والتشكك، والرد عليها أولى من أي أمر آخر.
بعد عام ثقيل أصبحنا في وضع أسوأ من السابق وأهل القضية التي ذهب أولئك الشباب ليعلنوا غضبهم بأرواحهم بسببها، أهل تلك القضية في فلسطين المحتلة في وضع أسوأ بل لم يعد ينصت لهم أحد وجرى معاقبتهم.
كان هناك مشكلة في الاتجاهات لدى بعض العرب، تذبذب في البوصلة المرشدة لهم مرة يكون الطريق إلى القدس ماراً بالكويت ومرة يمر بواشنطن، والخسائر في كل غزوة وأم معركة تزداد، ذاك الجهد في الطائرات والتخطيط والتدبير والدقة لماذا لم يوحد في طائرة تتجه للكنيست!!، تصوروا معي لو أن أسامة بن لادن بما حباه الله تعالى من نعمة المال والعلاقات المتشابكة والعميقة مع الولايات المتحدة الأمريكية أثناء حرب تحرير أفغانستان من الاحتلال الروسي، تصوروا لو أنه استثمر ذلك في وسائل إعلامية تتغلغل في نسيج الولايات المتحدة وعمل منظم يوحد العرب والمسلمين من مواطنيها للتأثير على صانع القرار هناك، ألا يعتبر هذا نوعا من أنواع الجهاد؟.. ألم يكن هذا طريقاً بالإمكان أن يؤدي إلى القدس بدلاً من الطريق الحالي المظلم الذي لا يعرف أحد أين ينتهي مساره؟
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط