كلما قرأت خبراً عن مسؤول يتفقد «سير» هذا العمل أو ذاك، تحضر أمامي «سيور» عفش مطار الملك خالد الدولي، فعلى رغم أنها سيور وليست سيراً واحداً لم يتفقدها أحد طوال ثلاثة عقود، فلم يحدث لها تغيير أو تجديد ولا يعرف هل كان لها بند صيانة وكيف تم صرفه!
وثقافة «السير» لدينا تتخلص في أن يسير على أكمل وجه حين يتفقده المسؤول بمعية وسائل الإعلام، يتم التجهيز لذلك بوجل وعلى عجل وتفتح مصاريع الموازنات والاستثناءات مع نثر الورود والأزهار على طريق السير، وما إن ينتهي تفقد «سير» العمل حتى تتبخر التجهيزات الاستثنائية. وكأن إنشاءه تم من أجل هذه اللحظة لا غير، ولأن علاقة إدارتنا بتفقد «سير» الأمور والأعمال علاقة موقتة، كلحظة وميض فلاش الكاميرا، يبقى السير بدون صيانة وتغيير لقطع الغيار حتى «يجيم» إلى حين تفقد مسؤول آخر. والناس انتبهوا إلى هذا منذ زمن بعيد، قالوا في الأمثال الشعبية «ادهن السير يسير»، فعلى رغم أن عمل السير هو الحركة، لكنه كي يتحرك بالسرعة المطلوبة لا بد من دهن وتزييت، بحسب الحال والحاجة.
وسيور عفش المطار التي عيدت وعايدت المسافرين قبل العيد بالتعطل، ليست استثناء، ففي كل مرحلة تأتي فيها إدارة جديدة لمنشأة أو وزارة تتعذر بواقع سيئ «قديم»، لكنها لا تخبر عنه في مكاشفة معلنة عند تسلم المسؤولية بل بعد حدوث مشكلة.
ولو كان كل مسؤول تولى موقعاً جديداً يقدم للرأي العام جرداً بواقع العمل الذي تسلمه لكنا عذرنا وتفهمنا، أما الصمت على واقع وتزيينه أحياناً إلى حين وقوع مشكلة أو فشل إداري ثم استخدام ما في «الخزانة» من أعذار فهذا لا يقنع أحداً.
ومع أهمية حركة سيور العفش إلا أنها لا توازي أهمية حركة السير «المروري»، الأولى تنقل حقائب وكراتين يمكن الاستغناء عنها وتحمل خسائرها، لكن حركة السير المروري تحمل أرواحنا وأجسادنا، ومع كل هذه الأهمية القصوى هي قابعة «مكانك سر» على حالها المتردي منذ عقود، مثل سيور عفش مطار الملك خالد، لا فرق سوى أن الكاميرات لا تأتي بما يحدث فيها دفعة واحدة كما أن «التكيف» مع وضعها المتردي أصبح ثقافة رسمية. نحن الحقائب على «سير» المرور!
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط