شهر أيلول

أصبح 11سبتمبر العذر لأي خطأ أو ارتباك، كل تغيير سببه هذا التاريخ، وما دامت القوة العظمى الوحيدة حالياً في العالم تتمسك بهذا التاريخ لتفعل كل ما يحلو لها، فإن الأفراد من باب أولى يستثمرون التاريخ نفسه لأسباب تخصهم، هذا الرقم والحدث أصبح مشجباً، من ارتفاع الأسعار وتكاثر العقبات إلى القضايا الشخصية الفردية، فيروز كان أيلول بالنسبة لها ذكرى للحبيب، لكنه للعالم الآن ذكرى أخرى وهناك ثمن لا بد من دفعه ممن؟، الله وحده يعلم، فحتى الذين يطالبون بالدفع لم يحددوا الفدية!؟، لا حجمها ولا نوعها.. مرة العراق ومرة العالم الإسلامي برمته!؟، لكن الولايات المتحدة التي تقوم الآن بدور أستاذ يحمل عصا غليظة لتربية العالم بعد أن صنفته وفرزته حسب المواصفات الأمريكية، هذه الدولة العظمى ما هو الفارق بينها وبين أتعس دولة في العالم الثالث؟، لا شيء يذكر حقوق الإنسان تنتهك خارج أراضيها وداخلها، الفرق في الأعذار فقط دول العالم الثالث القمعية التي ستهب الولايات المتحدة لتأديبها لديها هي الأخرى أعذارها، لكن عذر القوي يختلف عن عذر الضعيف!؟
الذي لم يستطع أن يفعله العرب والمسلمون وهم المستهدفون هو التوقف عن شتم الولايات المتحدة وتوفير الجهد المهدر في الشتم وما إليه، ليبحثوا عن كيفية المواجهة، مواجهة عاصفة 11سبتمبر الأمريكية القادمة، لماذا لا يجتمع حكماؤنا وعقلاؤنا لبحث الخيارات المتاحة، لتقليل الخسائر من باب أضعف الإيمان، إذا كانت حرب تحرير الكويت بالإجماع الدولي الذي حازت عليه، وإصابة الأهداف المعلنة قد أدت إلى تدهور اقتصادي وديون ضخمة لم تنج منها مختلف دول المنطقة!، فما هي الآثار المتوقعة لعاصفة 11سبتمبر الأمريكية؟، لابد أنها أكثر قسوة وأعمق في الخسائر، هل يمكن تقديرها وتوقع ملامحها؟، هذه ليست أزمة بل أكبر منها، هي في الحقيقة مجموعة أزمات لم يحدد لها تاريخ.. التاريخ كله مفتوح لها.
العجيب أننا عندما نقرأ التاريخ نستغرب الضعف والتفكك والتناحر الذي وقعت فيه الدول العربية والإسلامية مما جعلها فريسة سهلة للأجنبي، ونحن نعيش الآن واقعاً أكثر رداءة من تاريخ الضعف ذاك، أبلغ وصف لعالمنا العربي الإسلامي الحاضر جاء على لسان وزير خارجية الهند الذي قال: “إن ما يسمى العالم الإسلامي يعيش في عصر العولمة بلا حول ولا قوة”.. هذه حقيقة.. رغم أن العالم الإسلامي ككيان هو وهم أكثر منه حقيقة، كما أنه الرجل الذي لا زال مريضاً ويسيل اللعاب لتوزيع جسده مرة أخرى، لكن هذه المرة ستكون القسمة على واحد!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.