قاتل في البقالات

خلال أقل من شهرين وفي منطقة حائل فقط قتل أحد عشر شاباً، وفقد الثاني عشربصره والسبب قاتل يتواجد على رف كل بقالة في المملكة، وإذا تذكرنا أن البقالات لدينا أكثر من الأشجار في غابات الأمازون نستطيع أن نعي خطورة القضية، وربما نتمكن من معرفة قدرة هذا القاتل على الوصول للجميع بسهولة ويسر. ومثل حائل عدد من المناطق نشرت مختلف الصحف عن حالات وفيات حدثت فيها من أقصى الشمال في الجوف إلى النماص.
القاتل كلكم تعرفونه وتستخدمونه، عطر رخيص يعرف باسم “الكلونيا” أو “الخرشه”، والاسم الأخير هو “النك نيم” له قبل الإنترنت، واسم الخرشه لا أعلم بالتحديد من أين جاء، فهو إما من “غرشه”، التي تطلق على كل زجاجة أو من نتائج وآثار تعاطيه التي تجعل متعاطيه “مخترشاً” وهو الاحتمال الأقرب، ويتراوح سعره من الخمسة ريالات إلى الخمسة عشر ريالاً.. وهنا جانب أخر من الخطورة، إلا أنهم لا يتعطرون به بل يشربونه!!، ولو صدرت إحصائية رسمية دقيقة عن الوفيات في المملكة لربما فجعنا رقمها، وقد تجعلنا نعيد النظر في أولوياتنا لنلتفت إلى هذا القاتل المعطر!.
دخلت “الكلونيا” إلى بيوتنا من باب “المفاطيح” وارتبطت رائحتها النفاذة بالمآدب، فهي رخيصة ورائحتها تزيل رائحة الدسم أو “الزفر” إن أحببتم، تزيلها من أيدينا التي تعودنا الأكل بها، ثم تطور الأمرلترتبط بدورات المياه، من هذه الأبواب وجدت لها مكانا في كل زاوية من زوايا مغاسل الأيدي “على يسارك وأنت داخل”!، لكن أحداً ما أوجد لها استخداما أخر وبدأ هذه الفعلة الخبيثة وتبعه الكثيرون ولازالوا، والملاحظ أن أغلب الوفيات من تعاطي “الكلونيا” في مناطق غير المناطق الرئيسية، وقد يكون السبب بروز هذه الأرقام لأنها الوحيدة التي وجدت طريقا للنشر، بسبب التكتم على المعلومات في المناطق الرئيسية، لأن التسرب، تسرب المعلومات، أصعب، وقد يكون هناك أسباب أخرى لا بد من معرفتها للتصدي لهذا القاتل، ويقول البعض إن “الكلونيا” قاتلة، لأنها مغشوشة فهي تحتوي على الكحول الميثيلي هو يقتل في فترة قصيرة قد لا تتجاوز اربعاً وعشرين ساعة أو يصيب بالعمى.. للمحظوظين!!؟، و”الكلونيا” العادية هي تلك التي تحتوي على الكحول الأيثيلي وهي تقتل بعد فترة أطول وبعدما تفتك بالكبد، والنكته أن بعضاً من النوع الأخير يحمل عبارة “لايحتوي على الكحول المثيلي” وكأنها دعوة للتعاطي!!، وعبارة أخرى تقول :للاستعمال الظاهري فقط!!.
وكلها لا تغني ولا تسمن ولا تردع وتزجر “خبول”!! الشباب من تعاطيها، إنها مثل التحذيرات المطبوعة على علب التبغ!!. لكن الخطورة هنا أبلغ وأقسى، ولعل وزارة الصحة تتفاعل مع القضية وتصدر إحصائية عن عدد الوفيات والأعمار!!؟ مشاركة منها للتحذير والتنبيه، ولو ظهرت الأرقام أتوقع أن تصدمنا جميعا، أما الأعمار فكلهم شباب في العشرينات!!، إن هناك عشرات الأساليب لحماية شبابنا من جهلهم، وإذا كان ملف “الباتكس” مازال على الرف ،وقد كتبت مرة عنه، فإن الكلونيا لا تختلف عنه سوى أنها تنقل متعاطيها إلى المشرحة مباشرة أقصد مغسلة الموتى، في حين يتلف “الباتكس” خلايا الدماغ، “والواحد الآن بدماغ ما هي ماشية معه “فكيف بدونه، وحماية لشبابنا أطالب وزارة التجارة بمنع هذه الأنواع من العطور، ولم لا؟ فهي ترسل العشرات إلى القبور، وإذا لم تتمكن من ذلك أو لم ترغب فعليها أن ترغم الوكلاء والمصنعين المحليين إن وجدوا وأعتقد أنهم موجودون بتغيير الأسماء وتصاميم العبوات لأنها ارتبطت في أذهان متعاطيها بشكل واسم معين، ووضع شعار الموت الجمجمة والعظام على كل عبوة بشكل بارز، وإذا كانت وزارة التجارة لا تريد حرمانكم من تعطير أيديكم بعد كل “مفطح”، فلا أقل من أن ترخص لتاجر هذا النوع من العطور لفتح مصنع للأكفان.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.