فكر «تلبس» أشخاصاً

في الإعلام لا يحقق «الترقيع» نتيجة مؤثرة بقدر أثر ضرر أحدثه شق إعلامي، طيور الإعلام تختار ما تطير به بحسب هواها ومن تستهدفهم بأخبارها، ولأن الإعلام بعمومه عالمياً الآن في موقع الضد المتحفز يمكن تخمين النتيجة، ومن المستغرب أن حلقة «الثامنة» كانت مسجلة، وبالتالي «مفحوصة»، وهو ما يشير إلى عدم قدرة ودراية «الفاحص» بالواقع العام.
في اعتقادي أن المشكلة ليست في أشخاص صرحوا عن حتمية الإفلاس وساعة الإنتاج الوحيدة أو.. ما ذكره وزير المالية «جاءت توجيهات سابقة بتوظيف أكبر عدد ممكن من المواطنين، على رغم مطالبات بضرورة تقليلها»، فالعبارات الأولى تبرر لقرارات حالية، والأخيرة تبرر لقرارات سابقة.
المشكلة في تقديري تكمن في فكر تلبّس أشخاصاً، وهو ليس بالفكر الجديد، ومنبعه الذي لا ينضب من التوأمين الشقيقين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، و«العرافة» كريستين لاغارد كانت حاضرة قبل سنوات – في ذروة الفائض المالي – وأعلنت عن نبوءتها و«نصيحتها»، ثم أخذت «المقسوم» وغادرت تاركة المنهج المطلوب تطبيقه مع التلاميذ. ومستشارو البنك الدولي أساس موجودون من زمن بثياب مختلفة، واستشاراتهم «تطبعت» بها جهات عدة.
وتلك «النبوءة» اللاغاردية لم تكن سوى المحفز للزخم الأكبر، الموجة العاتية، وإلا فإن المنهج كان يطبق هنا وهناك جزئياً وبالتقسيط، وكنت أحذّر وقتها من خطورة الرأسمالية المتوحشة ومازلت.
صحيح أنه تم تغيير بعض الرتوش في السيناريو والإخراج، لكن الفيلم هو الفيلم نفسه الذي سبق عرضه في دول مختلفة.
لعل من اللطيف إنعاش الذاكرة، لنستعيد أن المرحلة السابقة، أي ما يزيد على السنوات العشر الماضية بكم سنة، تمت إقامة العديد من المؤتمرات والندوات والمنتديات الاقتصادية في المملكة في أكثر من مدينة، زخم كبير رعته أجهزة حكومية وغير حكومية، وحضر فيها وتحدث مسؤولون حكوميون سعوديون من وزراء وغيرهم، أيضاً تمت استضافة أسماء عالمية لها نجاحات من آلن غرينسبان إلى مهاتير محمد ومحمد يونس، وطرحت الكثير من القضايا الاقتصادية، وهي القضايا نفسها التي يعاني منها الاقتصاد الآن، فماذا استفدنا من تلك «الفعاليات»؟ ولماذا لم توقظ التحذيرات وآراء الخبرات مسؤولينا الذين حضروا وشاركوا فيها ودعموها؟ ولا يزال بعضهم على رأس العمل، فهل كان «الهدر» من الهول بحيث خطف الأبصار والبصائر؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.