استفراد

الوقت يعني المال.. هذا هو الفهم في العقلية الرأسمالية وهي الفلسفة التي تحكم سياسة الشركات، لكن هذا الوقت الذي يحسب بالثواني على المستهلك في حالة شركة الاتصالات، على سبيل المثال، ويدفع مقابله ما يفرض عليه.. هذا الوقت الثمين لا يساوي شيئاً عندما يكون لصالح المستهلك، أو المشترك حسب مصطلحات الشركة، ما هو السبب يا ترى؟، لماذا يكون وقت الشركة ثميناً ووقت المشترك لا قيمة له، هل هو نوع من الازدواجية في التعامل.. تماثل سياسة القوي على الضعيف والاستفراد التي تمارس على نطاق واسع وتبلغ ذروتها في السياسة الدولية حالياً!!، عندما تقطع الحرارة عن هاتف لأي سبب فليس هناك وقت لإرجاعه وعلى المتضرر اللجوء للانتظار، مثل الفاتورة التي لا تجد من تناقشه في محتوياتها رغم كثرة موظفي الشركة الكبار والصغار، والاتصالات ليست لوحدها فالكهرباء تمارس نفس الشيء مع ما قد تسببه من خسائر مادية مباشرة وملموسة في ثلاجة أو مكيف للمشترك، ينقطع عنك التيار أو يقطع وقد تتضرر لديك أجهزة ولا يمكن أن تفكر مجرد التفكير في المطالبة بالتعويض تنسى أن قد دفعتَ رسوماً من كل نوع، ولا زال موظف الشركة يعتقد أنه يقدّم لك منحة له الفضل الأول والأخير فيها، حقوق المستهلك ضائعة لأنه يتيم ليس له أب ولا أم والمشكلة الأكبر أن لا أحد يريد تبنيه، رغم كثرة من يدعون ذلك!؟، وعندما أعلن قبل سنوات عن العزم لإنشاء هيئة وطنية لحماية المستهلك، غرد اليتيم وطار من الفرحة لكنه “مقرود” و”المقرود” يجد في الكرش عظماً.. وليس أي عظم بل عظم حاد الأطراف!!، مرت السنوات والحال على ما هو عليه، كنا نطالب بجمعية أهلية لحماية المستهلك تكون مستقلة فلا تتأثر بتعارض مصالح ما، لتستطيع مواجهة الغرف والمجالس والوزارة، قالوا هيئة وطنية قلنا خيراً وبركة، لكن الوضع بقي على ما هو عليه. وعلى ذكر صفة الوطنية والشعور بها قرأت لكتّاب وكاتبات من الزملاء بمناسبة اليوم الوطني يشكون من عدم وضوح الانتماء لدى بعض شرائح المجتمع، بعض منهم يكاد يشكك في متانته!، وإن لم يصرح بذلك، وأتصور أن واحداً من أسباب الضبابية في هذا الانتماء هو انتهاك حرمة هذه الكلمة الجميلة.. الوطنية..، لقد انتهكت واستغلت تجارياً وبصورة بشعة فصارت مرادفاً لكل بضاعة وبقالة وشركة حتى لو كانت شركة حفر للقبور!، ألا تريدون بعد هذا كله أن تتداخل المفاهيم خصوصاً لدى النشء الجديد وهم يرون القدوة أمامهم!؟
أعود لموضوع اليتيم المستهلك الذي وعدوه بهيئة ولا زال ينتظر وأتساءل معه، هل ماتت الفكرة لنقوم بنعيها!؟، كأني أسمع صوتاً هاتفاً يقول المستهلك لا قيمة له، فكيف تطالب بتقدير قيمة وقته!!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.