أدت الموجة العاتية لردود الفعل على حديث سابق لوزير الإسكان، قال فيه إن مشكلة الإسكان هي مشكلة فكر، إلى حجب النقاش والتدقيق في الفكر المقصود، فالذي يده في الماء الساخن وينتظر حلولاً عاجلة فهم أنه المقصود! الوزير ذلك الحين قال: «حقيقة أن الإسكان ليست مشكلة أراضٍ ولا مشكلة موارد هي مشكلة فكر». وكان من الواجب لإثراء الفكرة ونقاشها لتحقيق فائدة للجميع، تشريح فكر مقصود أنه وراء هذه المشكلة. هذا لم يحدث طبعاً.
ما الذي أحيا هذه القضية ودفعني إلى الكتابة عنها بعد هذه المدة الطويلة نسبياً؟ جملة من الأسباب، أولها: أن مشكلة الإسكان مازالت قائمة كما كانت، والثاني: أنني أعتقد بالفعل أن مشكلة التنمية لدينا، وفي ضمنها العقار والإسكان، هي مشكلة فكر. لكن تحديد نسبة المسؤولية عن هذا الفكر «غير الصالح» بدقة يحتاج إلى درس، إنما من دون أرقام ونسب، يمكن القول إن التنمية في بلادنا خضعت لفكر العقاريين، وإن الحكومة ممثلة بفترة طويلة بوزارة الشؤون البلدية والقروية وأذرعها من أمانات مناطق وبلديات خضعت لهذا الفكر.. «الهندسي». وهو فكر أحادي له هدف، هو تعظيم الأرباح ولو على حساب مصلحة العموم. وبحسب كلام الوزير ذاك ليست المشكلة في الأراضي ولا في الموارد.
والآن لا يعلم كم هو عدد ملايين الأمتار، التي خصصت للإسكان، وأصبحت في عهدة الوزارة، لكن من المؤكد أنها كبيرة جداً، ومعها الموارد. بمعنى أن الوزارة حالياً مكتفية بحسب ظني من الأراضي والموارد، وبقي عليها إصلاح الفكر.. كله. هذا ما كنت أتأمله خاصة وفي حوار أجريته مع وزير الإسكان في برنامج «مال ثينك تانك» في «يوتيوب» أسهب في طرح رؤيته الشمولية للحلول.
لكن ثبت الأسبوع الماضي أن مشكلة الفكر قائمة بجانبها الكبير القوي والموجه للتنمية، إذ تردد أن وزارة الإسكان وضعت يدها على الأراضي المخصصة للمرافق العامة بشمال الرياض في الأرض الكبيرة المعروفة باسم «أرض قيران»، والمرافق العامة بما فيها المقبرة «مليونا متر»، والمسجد والحدائق «مليونا متر»، والمستشفى ومواقف وربما شوارع لا أعلم مجمل مساحتها. والمرافق ملك عام وتجفيفها في المخططات التي نعيش فيها أدى إلى تجفيف «جودة الحياة». إن سعي وزارة الإسكان إلى حيازة هذه الأراضي، وهي رئة التنفس لهذا الموقع، يكشف لنا أن الفكر هو المشكلة، وأنه فكر حكومي مرتبط بالقطاع الخاص العقاري ولم يتغير.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط
لا حول ولا قوة الا بالله فرحنا بالمقبرة واليوم تاخذها وزارة الاسكان