ليست هناك حاجة للإسهاب في استعراض دراسة «السعودية 2075 رؤية مستقبلية وخريطة طريق»، التي أشرت إلى نتف منها بالأمس، لكن سأتعرّض هنا إلى محاولات المؤلف الاقتصادي الأستاذ عبدالعزيز بن إبراهيم الحقباني لإيصال الدراسة إلى من يهمه الأمر للاستفادة منها.
قام المؤلف بإرسال نسخ من الدراسة مع خطاب يحوي ملخصاً عنها لعدد من الجهات المعنية، بما فيها المجلس الاقتصادي الأعلى آنذاك.
بمجرد تعيين الدكتور محمد الجاسر وزيراً للاقتصاد والتخطيط أرسل المؤلف خطاباً يشير إلى الدراسة وعرضاً بإهداء نسخة منها له.
طبعاً كل ما سبق لم ينتج عنه صدى أو رد فعل وكأنه لم يكن.
لكن المؤلف لم يُصبْ باليأس أو الإحباط، فحين عُيّن المهندس عادل فقيه وزيراً للاقتصاد والتخطيط وجد المؤلف فرصة جديدة بعد سنوات من الانتظار، خُيّل إليه أنها فرصة ذهبية عيار 24 قيراط، خصوصاً أنه كان معجباً بالمهندس عادل، باعتبار أن الأخير «يفكر خارج الصندوق»!
شدّ هذا من عزيمة صاحبنا، فأرسل في الأسبوع الأول من تعيين الوزير خطاب تهنئة وعرضاً للدراسة. كان رد الفعل هذه المرة مختلفاً جذرياً في واقع الأمر؟
إذ انهمرت اتصالات من سكرتاريات الوزير من مكتبيه في الرياض وجدة، – فما بين ساعة وأخرى يتصل عليه موظف آخر غير السابق لكل منهم سؤال مختلف، – يصف المؤلف ذلك «بشكل أفرحني، وحدد لي موعد قريب للقاء وزير الاقتصاد والتخطيط في مكتبه بالرياض».
وجاء اليوم الموعود، وصل المؤلف في الموعد المحدد وانتظر وصول الوزير. وبعد السلام والمجاملات اكتشف المؤلف أن وزير الاقتصاد والتخطيط لم يقرأ مذكرة مرفقة بالخطاب تقدم إلماماً بالدراسة، أما سؤال الوزير الذي صدم المؤلف وجعله يندم على طلب اللقاء فهو: هل كتبتها من الإنترنت!؟ بأسى يقول المؤلف «أزعجني ذلك السؤال، فمعظم المكتبات، وتقارير مراكز الأبحاث، ودراسات الجامعات، وكل ما يصدر من كتب، وكل المجلات والدوريات المتخصصة، والمحاضرات المهمة (وغير المهمة) متوفر على الإنترنت؛ استغربت ماذا يقصد بسؤاله، إلا أن يكون إشارة إلى عدم اهتمامه بها! قبل أن يقرأها، أو حتى يعرف ما بها؟». وقبل نهاية لقاء مدته تقارب العشر دقائق وعد الوزير بقراءة الدراسة، وطلب من المؤلف نصيحة لوزير الاقتصاد، فأجاب الأستاذ الحقباني «إن أي خطط تنموية، أو مشاريع تنفذ، ولا تعتمد على إلمام شامل بوضع الطاقة الحالي والمستقبلي في المملكة، وكذلك على المستوى العالمي، فلن يكتب لها النجاح!!
استغرب الوزير متسائلاً: إلى هذه الدرجة!؟
وكان ذلك اللقاء آخر العهد بينهما.