«أرامكو» بين الواقعي والافتراضي

لفت انتباهي مثل غيري رد وزير الطاقة السعودي خالد الفالح على سؤال عن طرح «أرامكو» والانتقادات الموجهة لهذه الخطوة. السؤال طالب بالرد على الانتقادات، وكانت إجابة الوزير اعتراضاً على السؤال ونفياً لوجود انتقادات! وأنقل هنا نص إجابته كاملاً، إذ قال: «نختلف مع السؤال، إنه يتحدث عن نقد، كل من أتحدث معهم سواء من المواطنين أم من المهتمين بالشأن الاقتصادي وشأن الطاقة في العالم متحفزون جداً وينظرون في طرح «أرامكو» نقلة نوعية واقتصادية مهمة للمملكة العربية السعودية وتمثل الجرأة في اتخاذ القرار وفتح أبواب كانت مغلقة، وأضاف أنه كرئيس لـ «أرامكو» وزملائه في الشركة والمعنيين بهذا الشأن كافة، لم نسمع هذا النقد. هنا مقال وهناك مقال لكن الجميع متحفز لهذا الطرح».
ويظهر لي أننا في عالمين مختلفين، نحن المواطنين في عالم، مقابل المسؤولين في عالم آخر، فمنذ إعلان فكرة طرح «أرامكو» وهي حديث الغالبية من المتخصصين وغير المتخصصين ومحل اهتمامهم كتابة وتعليقاً، والنبرة السائدة هي إما انتقاد صريح أو كومة من الأسئلة عن الطرح وتفاصيله تحوطاً من الأخطار المحتملة، وشراكة الأجنبي في الشركة، وجدوى ذلك اقتصادياً على المديين المتوسط والبعيد. لذا من المستغرب أن الوزير رئيس «أرامكو» «وجميع زملائه في الشركة والمعنيين كافة في هذا الشأن»، لم يطَّلع واحد منهم على بعض هذا، وإشارته في آخر إجابته «مقال هنا ومقال هناك» لم يرَ فيها، أي تلك المقالات، إلا التحفز. إذا لم تكن إجابة الوزير تهرباً من الإجابة عن الانتقادات فإن لدينا مشكلة كبيرة لمعرفة في أي العالمين نحن، هل نحن في الواقعي أم الافتراضي؟ وهل نحن جميعاً في العالم نفسه أم منفصلون عن بعض؟ أقصد المسؤول والمواطن.
لكن لنفترض أن الوزير «وجميع زملائه والمعنيين كافة بهذا الشأن» لم يلمسوا من ردود الفعل حول هذه الخطوة سوى التحفز. أليست هذه مشكلة بحد ذاتها، أن يكون الرأي في شأن مهم مثل هذا في اتجاه واحد؟
حسناً، هناك رجل من رجال «أرامكو» طرح فكرة مختلفة في «تويتر»، وهو عامر السليم، رئيس تنفيذي سابق في الشركة، ومن المؤكد أن رقم جواله ما زال محفوظاً في جوال وزير الطاقة رئيس الشركة، وهو لا ينتقد كي لا يَغضب أحد، بل يقدم فكرة جديدة ربما هي أكثر تحوطاً وتحقق الهدف من الخطوة، فهل يمكن ضمه إلى من يتحدث معهم الوزير عن مستقبل «أرامكو»؟
 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.