«التقطيع» الخاص

ما هو الفرق بين عدد لا بأس به من الشركات المساهمة وشركات أو مؤسسات توظيف الأموال؟
الفروقات في الظاهر جوهرية، لكنها في الباطن المالي الإداري لا تختلف كثيراً.
في شركات أو مؤسسات توظيف الأموال ذهب مساهموها بصناديق الـ«تايد» والخياش المملوءة بالأوراق النقدية، مستندين إلى ثقة بشخص أو أشخاص، إما لهيئة شخصية أو دعاية تقوى مضبطة، بمعنى أنهم استندوا إلى فحصهم الشخصي لحقيقة ضمان الاستثمار.
في الشركات المساهمة ذهب المساهم للاكتتاب، ثقة بترخيص رسمي وجهات رقابية وإعلانات وجمعيات عمومية، لكنها كلها في واقع الأمر لم تمنع أو تحد من استغلال النفوذ والتربح من وراء إدارة الشركات المساهمة.
كم كبير من المعلومات المعلنة التي توضح بشكل مباشر حقيقة الإدارة في كثير من الشركات المساهمة في السعودية ولا تحرك ساكناً من وزارة التجارة ولا غيرها!
فمجلس الإدارة يتصرف كأنه المالك الوحيد في شركات مساهمة. قيل إنها أفضل السبل لاستثمار مدخرات صغار المساهمين، وربما لهذا فائدة تخبر عن حقيقة القطاع الخاص، ممثلاً بأهم أركانه الشركات المساهمة، وهو يكشف عن كيف تمت إدارته، سواء أكان تابعاً لحكومة أم لقطاع خاص.
التجاوزات في إدارة الشركات المساهمة قديمة ولم يكن هنا تجاوب رسمي مع ما يكتب عنه، إذ جرى التمكين لهذه الممارسات فترة زمنية طويلة، تذرعاً بالأنظمة ونوايا لتطويرها، فيما التربح من الشركات المساهمة قائم على قدم وساق، وما يعلن الآن قسراً تماشياً مع الإفصاح يخفي أكبر منه، أما إذا رجعنا إلى الوراء فالرائحة تزكم الأنوف… السليمة.
أرى أن إبراء الذمة في مجالس إدارات الشركات المساهمة هو إبراء صوري لا قيمة له، لتحقيق إبراء الذمة حقيقة البراءة من استغلال المنصب والتغاضي عن تعارض المصالح.
وليس هناك من حل – في تقديري – خارج الإطار الرسمي الذي لا ينظر إلا إلى الأمام ولا يتوقع منه التصحيح المطلوب، سوى تجمع إلكتروني لصغار المساهمين في الشركات المساهمة يوحد أصواتهم، ثم يوكل محامين قديرين لفتح الملفات بأثر رجعي.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.