مع أنني تعودت منه عدم الرد على أول اتصال إلا أنه هذه المرة لم يرد على أكثر من اتصال ورسائل «واتسآب» او «اس ام اس». وبعد عناء واستخدام سبل أخرى، ظهر أنه مختفٍ ومختبئ من «الديّانة»، فالديون أثقلت كاهله، وملاحقة أصحابه وضع لم يتعوده، وهم أصبحوا أكثر شراسة من ذي قبل، لذلك انزوى في ركن قصي.
والحكايات المماثلة كثيرة، وهي لا تحدث لبسطاء أو أفراد دخولهم منخفضة، بل تحدث أكثر لأصحاب وظائف كبيرة ذات دخول مرتفعة، ومن المتوقع أنها ستزداد خلال المرحلة المقبلة، مع فارق أن الذين سيقعون في هذا الفخ يتعامون عن مؤشرات واضحة مثل وضوح الشمس.
الآن اختلف الوضع، فهناك أحكام تنفذ، و«النطلة» في السجن أصبحت أمراً متيسراً قضائياً ليس كالسابق حين كان الدائن يدوخ لملاحقة المدين واستعادة حقوقه، ولأن الوضع العام بهذه الصورة فإن احتمالات تدخل الآخرين، سواء من أقارب أم أصدقاء وكذلك فاعلي خير ومنفقي زكوات، سينخفض هو الآخر.
من هنا يجب ألا يصاب الفرد بإبرة مخدرة مع عودة استقطاعات على الرواتب أو ظهور مؤشرات إيجابية على دخله الشخصي، أيضاً لا يتخدر بانخفاض أسعار سلع لا يحتاج إليها أو يستطيع تأجيل شرائها إلى حين تحسن الأوضاع، مثلما يجب ألا تخدره عروض القروض والتقسيط التي تنشط الآن وستتصاعد وتيرة نشاطها مستقبلاً.
الرأسمالية التي ولّدت هذه الأساليب التجارية سمحت في واقع الأمر باستعباد المستهلك، الذي يتحول إلى سخرة يدفع معظم دخله لأقساط قروض أو بطاقات ائتمانية أو سلع مقسطة، ربما ليس له حاجة ماسة إليها، وهي بوابة زلقة «زحليقة» سريعة الانحدار، تعجّل بالسقوط في فخ الديون للوفاء بحاجات معيشة متزايدة، وحتى لا تصبح «منتفاً» احذر!