المخترع الضائع

كنت في السابق أهتم بأخبار الاختراعات والابتكارات التي تنسب لمواطنين سعوديين أو عرب، وخلال عملي الصحافي التقيت ببعضهم إما في حوارات منشورة أو خارج إطار الإعلام كاهتمام شخصي، تلك الفترة بدأت أفرق بين من لديه فكرة فقط ربما رسمها على ورق، وبين من تقدم ليحول فكرته إلى نموذج يمكن عرضه، وكانت العقبات أمام هؤلاء سابقاً هي تبني اختراعاتهم أو توفير بيئة مناسبة لهم ليفكروا ويخترعوا، وعلى رغم طول السنين ما زالت العقبة نفسها قائمة. وخلال السنوات الماضية طغت أخبار ظهور مثل هذه الاختراعات إلى درجة أصبحنا معها نقرأ أو نشاهد لقاءات مع أطفال يقال إنهم اخترعوا ذلك الشيء وحصلوا على جائزة من منتدى أو فعالية، وصلت مسألة النشر الإعلامي عن هذه الحالات إلى درجة التشبع، ولم يعد مستغرباً أن يكتشف لاحقاً عدم دقة ما نشر، ولهذا أسباب منها عدم كفاءة الإعلام من جهة، وحب الشهرة والظهور من جهة أخرى.
وسط زحمة الاختراعات والابتكارات الصورية طالبة الشهرة والبروز، ربما ضاعت مواهب حقيقية ليست لها القدرة على تسويق ما تقدمه أو يحتمل أن تقدمه، ولم تنشأ خلال تلك الفترة جهة حكومية محترفة تقوم بالفرز أولاً، ثم تبني الأفكار والاختراعات التي يثبت جدواها لتسويقها على شركات تنتجها.
لنأخذ نموذجاً، قبل فترة كثرت حوادث سقوط ووفيات الأطفال في آبار ارتوازية، وكانت جهود الدفاع المدني مشهودة في الإنقاذ، وبرزت حاجة إلى أفكار وتجهيزات تساعد في الإنقاذ بشكل أسرع وكلفة أقل، ثم ظهر في وسائل الإعلام أكثر من مواطن يدعي توصله إلى اختراع أو ابتكار يساعد في إنقاذ مثل هذه الحالات، ولا أستطيع الحكم بتقييم ما نشر عنهم فهو بحاجة إلى متخصصين، لكن الشاهد أن لا جهة تبنت أو جمعت هؤلاء وفحصت ما لديهم لإمكانية الاستفادة منه، وهو في كل الأحوال «إذا حقق نجاحاً وله حاجة وكلفته معقولة» سيكون من مصادر تنويع الدخل.
 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.