العنوان قد يبدو سؤالاً ساذجاً، لكن لنتمهل قليلاً، حققت تجربة جمعية إطعام تغييراً «نوعياً» كبيراً في الاهتمام بحفظ النعمة والتوعية بسلبيات الإسراف، والسبب أنها قدمت عملها بأسلوب نظيف وغير تقليدي خارج ومتقدم عن الأساليب التي كانت جمعيات خيرية تقوم به للاستفادة من فائض الطعام في الولائم والمناسبات وتجاوزت ذلك إلى المطاعم والفنادق.
بعد إطعام ظهرت جمعيات أخرى للغرض نفسه، وهذا أمر إيجابي لا شك لإطفاء أو التخفيف من ظاهرة رمي فائض الطعام أو فساده من دون استفادة منه مع وجود محتاجين، لكن هناك سؤالاً طرحه صديق يقول هل تنامي الاهتمام بحفظ النعمة على الطريقة السابق «استقبال فائض الطعام وتوزيعه» يشجع على حفظ النعمة أم يزيد من السلوك الاستهلاكي المفرط الذي نعلمه علم اليقين، بمعنى أن وجود خدمات هذه الجمعيات في متناول اليد يعطي المبرر للمسرف في الإسراف؟
طبعاً هذا لا يعني أن هذه الجمعيات مسؤولة، بل هي قامت استجابة لحاجات ماسة، يشكر القائمون عليها على جهودهم. والسؤال الذي يحاول الصديق طرحه كيف نحفظ النعمة من المنبع؟ كيف نقنع المصدر الذي ينتج إسرافاً في الطعام لتغيير عاداته، خصوصاً أنه سيرد علينا بأن هناك جمعيات تأخذ الفائض، فلا يهدر في براميل النفايات، والإجابة على هذا السؤال ليست سهلة، خصوصاً أننا أمام عادات متأصلة وأسلاك شائكة اجتماعية مع أن هناك تحسناً طفيفاً بين ما كنا عليه وما نحن عليه في هذا الجانب.
إن أهم محرك لتغيير عادات سلبية كامنة في المنبع هو إيجاد القدوة الحسنة وإبرازها في وسائل الإعلام والإشادة بها، هذا أحد عناصر التغيير المنشود، لكنه وحده غير كاف كما أنه حالياً ضعيف الحضور، فهو بحاجة لمن يعلق الجرس، وهو ما يدفع إلى ضرورة تغيير أساليب التوعية التي تعودنا عليها.