من يستغل موقعاً وظيفياً حكومياً للإثراء غير المشروع من أتعس خلق الله، وإن بدا مورد الخدين وضحكته من حلمة أذنه إلى الأخرى، أما الأكثر تعاسة منه فهو الذي يستغل موقعاً وظيفياً في مؤسسة خيرية للإثراء والتربح، والفساد واحد… .
نعم، لا خلاف على ذلك، سواء أكان في موقع عام أم خاص، إلا أنه حينما يتسربل بثياب الخيرية يحدث صعقاً وخرقاً لا يمكن إصلاحه بسهولة، لا بتبرعات ولا مساهمة في بناء مساجد، فالله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، والعمل الخيري لدينا تلون بالشكل أو الهيئة الدينية، وكل ممارسات مثل تلك ساهمت في التشويه الديني، وعند البعض من الناس الذين لا يفرقون بين الشخص وما يدعيه، ساهمت في تشويه الدين. خبر لوزير الدولة لشؤون مجلس الشورى الدكتور محمد أبوساق، أبدى فيه أسفه لتورط أفراد ومؤسسات حكومية وديبلوماسية وخيرية في عمليات تهريب النفط، مشيراً إلى أن القوائم والإحصاءات في ذلك طويلة، مئات من الشركات والمؤسسات الحكومية والخاصة بحسب ما جاء في خبر نشرته «الحياة» أمس، ولا تنسَ الديبلوماسية! ومع الأسف أبدى الوزير «سعادته بموافقة المجلس على التعديلات التي أدخلتها الحكومة على عدد من مواد مشروع نظام التجارة بالمنتجات النفطية». والقائمة الطويلة، وتنوعها يعني أن العلة من المنبع إلى المصب!
ومن الغريب أن وزير الدولة لم يذكر معلومة عن الإجراءات المتخذة ضد هذه القائمة الطويلة من المهربين، فهل طولها وتعدد مواقع أفراد منتخب الفساد سيمنع اتخاذ إجراءات معلنة ورادعة ضدهم، ليكتفى باستخدام كثرة التهريب مبرراً لرفع الأسعار؟ أول ما انكشفت «إعلامياً» قضايا تهريب المواد النفطية في شركة مرخصة للتصنيع، استغلت الرخصة لأكثر من عشر سنوات لتهريب المشتقات إلى أوروبا، ولم يعلن في بيان واضح لا لبس فيه ما هي العقوبات التي تمت عليها، ولو شمعت بالأحمر لتهاوى صرح من الفساد، ثم تتابعت الأخبار عن أصحاب شاحنات، حتى أصبحت تجارة نقل المشتقات رائجة أثرى منها الكثير. لا يبدو لي أن الحكومة عازمة على كشف هذه القائمة الطويلة وتنظيف القطاعات الحكومية والخيرية والخاصة منها، لأن القول «القائمة طويلة» يعطي انطباع «وش نقول وش نخلي». لذلك ولامتصاص «زعل» وإحباط المواطن الذي يدفع ثمن الفساد والصمت عليه مضاعفاً، أقترح إقامة بطولة سنوية في كرة القدم بين منتخبات الفساد، يمثل فيها كل قطاع من الحكومي إلى الخيري والخاص، على كأس «الوازع»، ويضم لتلك المنتخبات أيضاً منتخب ضعاف النفوس ومنتخب عفا الله عما سلف. أما حصيلة هذه البطولة الكروية من الأموال فتُمكن الاستفادة منها في تنويع مصادر الدخل.