التركة القطرية الثقيلة

على رغم غيابه القسري عن المشهد منذ سنوات، وهو الباحث عن الأضواء، إلا أن صورة وزير الخارجية القطري الأسبق الشيخ حمد بن جاسم حاضرة بقوة ضاغطة في الأزمة الخليجية مع دولة قطر، لذلك حاول الظهور في قناة «الجزيرة» مع بداية الأزمة، وأعلنت القناة مقابلة معه، لكن لم يسمح ببثها أو إكمالها لسبب لم يعلن، والأقرب أن السلطة القطرية تعلم أن ظهوره في تلك اللحظة سيصب الزيت على النار، بخاصة أنه حامل لواء شعلتها.
وأعتقد أن محاولته للظهور أخيراً، في قناة «الجزيرة» هي للدفاع عن مشروعه، وهو أيضاً مشروع الأمير الأب، لكن وزير الخارجية كان المهيمن الفعلي على السياسة القطرية منذ اتخاذها الاتجاه المعاكس للسياسات الخليجية، بل والحرص على التضاد معها على طريقة «خالف تعرف».
والمشروع القطري السياسي في العالم العربي منذ انطلاق قناة «الجزيرة» كلسان حال له، فيه من شخصية الشيخ حمد بن جاسم، فالشخصية تعاني من تضخم الذات، وسمات ذلك واضحة في حضوره السابق حين كان ممسكاً بالإدارة السياسية في قطر، وقد ألقت هذه العقدة وتراكماتها بظلها على السياسة القطرية لتنتج سنوات من القلق والتوجس الخليجيَين، وصولاً إلى هذه الحال المؤسفة من التأزيم ليصل إلى حد قطيعة قطر مع أشقائها.
إن ما يجب على الإخوة ممن يديرون السياسة في قطر معرفته أن مشروع حمد بن جاسم فشل بكل أذرعه الظاهرة والباطنة، وأن أدواته من تنظيم «الإخوان المسلمين» إلى غيره من التنظيمات بمسمياتها المختلفة والمتغيرة، هي الأخرى فشلت، وأن هذا الطريق وصل إلى حافة الهاوية، لذا فإن أي استمرار في «استثمار» هذه السياسة أو التركة يزيد من الخسائر المتحققة أصلاً، والقراءة الصحيحة المنتظرة هي في التخلص من هذا الإرث، والقطيعة معه، ونسبه إلى صاحبه.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.