لا يضاهينا أحد في حب الواجهات، حتى تغلب الشكل على المضمون من البشر إلى الجماد. وفي حريق لندن الشهر الماضي بضحاياه الكثر أثيرت قضية المواد المستخدمة في المباني، وخصوصاً الواجهات، إذ اتهمت الشركة، التي قامت بصيانة المباني، بأنها استخدمت مواد رديئة لخفض الكلفة، وذكر أن الرقم الذي وفرته لم يتعدَّ خمسة آلاف جنيه إسترليني! والنتيجة أن الحريق، الذي اندلع بسبب ثلاجة، أسهمت الواجهات الرديئة سهلة الاشتعال في انتشاره بسرعة، ما رفع عدد القتلى والمصابين إلى أكثر من 70 شخصاً.
الدفاع المدني السعودي سبق أن حذر من أنواع رديئة من «الكلادينج» واجهات الألمنيوم في المباني، فهناك كثير من الرديء الذي يصنع من مواد قابلة أو سريعة الاشتعال، والأسعار الرخيصة تغري المقاولين وأصحاب المباني التجارية، وأتذكر أنني طرحت القضية «هنا» بعد لقاء مع المدير العام للدفاع المدني الفريق سليمان العمرو.
السؤال هل تم ضبط المواصفات ومنع استيراد الأنواع الرديئة، خلال السنتين الماضيتين؟ وإذا كان الدفاع المدني، بحسب خبر نشر في شهر آذار (مارس) هذا العام أنه منح عاماً مهلة للمباني المشيدة، مع إقرارات وتعهدات بالتغيير عند التجديد، والمهمة تنفيذياً موكلة إلى وزارة البلديات والأمانات، التي تعتمد على التعاميم، وأداء البلديات الهندسي والإشرافي معروف، فهو أداء مكتبي، وخير دليل أوضاع وحدات سكنية اشتكى مواطنون منها بعد شرائها من المطورين، مع أنها من المفترض أن تكون مرت على بلدية وأمانة.
ومع الفنادق والبنايات العالية الأخرى هناك محطات الوقود، التي شدد على تحسين أوضاعها وأشكالها، فشاهدنا «الكلادينج» ينتشر في واجهاتها، وهي مادة أخطر من غيرها.
في حريق لندن قالت الشرطة إنها تدرس توجيه اتهامات بالقتل غير العمد، نتيجة لاستخدام ألواح خارجية ومواد عازلة فشلت في اختبارات السلامة، وأن الشرطة ستحدد ما إذا كان استخدام المادتين غير قانوني.
ما أحوجنا إلى قانون صارم يحفظ سلامة الأرواح ويردع أصحاب الذمم الجشعة.