دورة مياه يا محسنين

إذا أردت أن تعرف مستوى نظافة مطعم، فانظر إلى نظافة دورات المياه فيه، والجهات التي تقيم المطاعم تضع هذا في عين الاعتبار، ويمكن القياس في المدارس والمدن أيضاً.
في الصيف الماضي نشرت جريدة الوطن تحقيقاً عن مدينة جدة وكيف أن دورات المياه صارت تؤجر على الكورنيش للسائحين!!؟، وأرفقت الجريدة صورة لمحررها وهو يدفع مبلغاً للدخول…!، كان بعض عرب الشمال يعيبون علينا تعبئة المياه فهم لم يتعودوا على أن تعبأ في “أناني” وتباع!، لأن لديهم أنهاراً ولدينا العطش، أما أخذ جباية على دورة مياه فهذا مشكلة بمعنى أنك تدفع في كل الأحوال!، وكان أحد الاخوة القراء قد كتب إلي قبل فترة عن عدم وجود أماكن للوضوء في طريق طويل مثل طريق المطار، وهو متفائل فمشكلة دورات المياه تكاد تعم المدن السعودية وتبرز في المدن الرئيسية ومدينة الرياض على رأسها، ودورات المياه العامة في مدننا عادة تتواجد إما ملحقة بالمساجد وهذه تقفل بعد صلاة العشاء أو حسب برنامج النوم لحارس المسجد، أو تكون ملحقة ببعض الحدائق وهي قليلة تتجاوز انخفاضاً قلة الحدائق، لكن تزايد أعداد السكان، وتضاعف الحركة الراجلة يجب أن يعيدا النظر في هذه المسألة الحيوية والتي لا تعني أول ما تعني النظافة العامة، وإذا كان ارتباطنا بالسيارة والسرعة، في زمن مضى أبعد عنا أهمية الحاجة لدورات مياه عامة في كل موقع تجمع بشري، فإن الأمر تغير الآن، والعجيب أن هذه الأسواق الكبيرة التي يحرص على جمال واجهاتها لا يشترط عليها دورات مياه تتناسب وطاقتها الاستيعابية، وكثير من دورات مياهها تستخدم لأغراض أخرى أقلها مستودعات إذا لم تقفل وتحصر في بعض العاملين، هذا النقص الكبير في دورات المياه جعل من استخدام كثير من انفاق المشاة مخاطرة كبيرة، فقد تحول كثير منها إلى دورات مياه بقوة الحاجة والاهمال، سوء الاستخدام هذا لم يلفت نظر امانة مدينة الرياض على سبيل المثال، وإذا أردت أن تنظر إلى وجه الرياض القديم فأدخل إلى واحد من هذه الانفاق وإن كنت لا أنصحك بذلك،ولأن تلك الانفاق بعيدة عن الأعين بقي النقص يستفحل، وما زال كثير منا للأسف يفكر بالمدينة كطريق مرور لا يعرفه إلا من خلال نافذة السيارة، على الرغم من التغير الكبير الذي حدث والمرشح للازدياد بصورة قد تستدعي في يوم ما اللجوء لنفس الطرق التي نلجأ إليها في المشاعر أيام موسم الحج!، إن دورة المياه أو بيت الراحة أو الحمام هو أهم اختراع قام به البشر من دون مبالغة، وفي التأكيد على أهمية تواجدها بالشكل المناسب تأكيد على الحاجة الماسة فنحن نتحدث عن الصحة العامة أولاً وأخيراً.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.