الأولوية في قضية تضرر سجناء وموقوفين عددهم بالآلاف من تأخر البت في قضاياهم هي لرفع الظلم عنهم، وفي صلب ذلك العمل بجد واجتهاد على عدم تكرار مثل هذا التأخر بفحص أسبابه وإصلاحها، مع تعويض من تضرر، وما نشر منسوباً للنيابة العامة وردَّ عليه منسوب لمصدر عدلي أجد فيه فائدة للمصلحة العامة، بشرط ألا يتحول إلى صراعات بسبب اختلافات شخصية، بدلاً من أن يكون تنافساً على تحري العدل في حفظ الحقوق وكرامة الإنسان وتجاوز النقص.
والحقيقة أنني أطلب من النيابة العامة التوسّع في كشف القصور الذي يتسبب في مثل تلك المظالم بحقوق الإنسان بمختلف محطاته، وأجد أن هذا من صلب وظيفة ومهمات النيابة العامة، ويشكر ويقدر النائب العام على جهوده في ذلك، فلم يكن مثل هذا الكشف متاحاً في السابق.
وحتى يتم قطع الطريق على من يقول عن مثل هذا التوجه الإيجابي إنه بسبب خلافات شخصية، أو تراكمات بين عهود مرَّت على وزارة العدل، حتى يتم ذلك… ينتظر من النيابة العامة الإعلان عن دور جهات أخرى معنية في تأخر تلك القضايا وفي تجاوزات أخرى تتعلق بحقوق الإنسان.
ومما يؤخذ على وزارة العدل أنها حوَّلت قضاة إلى أعمال إدارية يمكن شغرها بتخصصات أخرى متوفّرة، مع الحاجة المعروفة إلى القضاة في مهماتهم الأساسية ونقص عددهم، تضاف إلى هذا حساسية مفرطة من النقد.
ليس من المعتاد أن «تتدافع» جهات حكومية، فالعرف الحكومي غير المعلن يشدد على الصمت المتبادل، ومن النوادر القليلة أن تعلن جهة حكومية مسؤولية جهة أخرى عن قضية ما، أو قضايا شغلت الرأي العام، أو ملفات مطمورة لم تجد رافعة لوضعها على السطح. وهذا ليس من المصلحة العامة، التي من المفترض أن تكون ضالة الجميع بحثاً عنها.