الصدقية والمهنية في الإعلام تضمن التحصين من الأمراض التي قد تصيبه، وهي أيضاً تحصن المجتمع أو الرأي العام من الضعف وسهولة القابلية للتأثير المستهدف من آخرين، والإعلام معرض للإصابة بأمراض عدة، ولأسباب مختلفة، وزادت احتمالات التعرض مع تداخل الإعلام التقليدي مع الجديد والافتراضي، فأصبح الأول ينقل عن الثاني والثاني يستشهد بالأول، والفايروس أو الميكروب ينتقل من هنا إلى هناك.
والإعلام هو واجهة البلد الذي ينطق باسمه ويؤخذ «في الخارج» منه عنه، فهو يعبر عن صورته وماهيته من بعيد للمتلقي هناك، والأكثر خطورة من هذه الصورة الخارجية المشوهة، التي قد يوصلها إعلام غير منضبط وغير محصن بالمهنية والاحتراف الحقيقي، الأكثر خطورة من ذاك هو فقدانه التأثير في الداخل، وهي وظيفته الأساسية، وينتج من هذا فراغ يملأ بسرعة، إذ إن الجمهور في الداخل ينصرف عنه إلى غيره، ومع ثورة الإعلام الجديد فالبدائل أكثر من أن تحصى، وهي بدائل متحفزة، كما أنها ليست نظيفة بالضرورة – ولا أقول «محايدة» – بل إن أكثرية المتحفز منها يجيد عمل الدس واستغلال ثغرات الضعف باحترافية وبتخطيط مدروس.
وحينما يكون لديك قضية عادلة واضحة المعالم فإن تناول الإعلام لها قد يحدد مصيرها، بما فيه هدف كسب الرأي العام وقناعته بعدالتها وأحقية ما اتخذته من إجراءات للحفاظ على مصالحك.
إن الواجب الذي أستشعره يدفعني إلى القول إن إعلامنا في حاجة إلى إنقاذ وعناية فائقة، وكنت أنوي كتابة مقالة أو أكثر اجتهاداً مني للبحث عن سبل تقوية إعلامنا، فهو ما بين الرسمي والخاص كبير وممتد كجسد شكلاً مع ضعف لا يخفى في التأثير، لكنني مع ما يحدث في المشهد الإعلامي حالياً وجدت أن الحاجة إلى الإنقاذ أصبحت ضرورة وليست بالصعبة، مع أن التأخر سيزيد في صعوبتها، وهي إن حدثت يمكن بعدها التفكير في جعل إعلامنا أكثر قوة وتأثيراً في الداخل والخارج.