كتبتُ مرة عن غرامنا بساسة الغرب المتقاعدين، فهم يحلون ضيوفاً على وسائل الإعلام… إعلامنا، وتتحسن بقدرة قادر رؤيتهم لحقيقة قضايانا والظلم الذي أصاب حقوقنا، ويعجبنا، بل في الحقيقة يعجب بعض المتعاملين في الإعلام لدينا، كلمات قليلة يقولها أولئك، كلما حدث حادث تجبر بها خواطرنا، ولا تقدم لنا شيئا يذكر فقد تقاعدوا وأصبحوا غير مؤثرين سياسياً في بلادهم، كما ان لا تأثيرفكرياً لهم، ولا يشغل بالهم سوى “البزنس”، لكنهم عرفوا عقولنا أو ما قلنا إنها هي، واعطونا على قدرها، هذه الملاحظة جعلتني أنتبه لبعض الفروقات بين الساسة في الغرب وفي عالمنا العربي.
السياسي العربي بخلاف الغربي، لا تظهر مواهبه إلا وهو على رأس السلطة، ولا أقصد المواهب السياسية، فهذه لا يمكن لاي “عقل” عربي ان ينكرها، أو حتى يتجرأ على التفكير بذلك، فقد شغل هذا العقل إلى درجة شك البعض بوجوده.. وهو ما جعل البحث فيه من أكثر عناوين الكتب العربية، وفي معرض الكتاب الأخير لم أستطع معرفة عدد الكتب التي تتحدث في عناوينها ومواضيعها عن العقل العربي.. لكثرتها، فمن نقده وتشريحه إلى التشكيك بقدراته وتشخيص أزمته،.. انتهاء بالبحث عنه، حتى إنني أصبحت أشك في انطباق نكتة درجت في فترة سابقة على العقل العربي، وهي تقول إن العقول عرضت للبيع فوجد ان العقل الياباني أرخصها سعراً في حين ان العقل العربي أغلاها، أما السبب فهو نسبة الاستخدام، ففي حين ان العقل الياباني مستخدم إلى درجة كبيرة بدليل اثره في الحضارة، لا زال العقل العربي.. “بكرتونه”.. جديداً، حيث لم يستخدم على الاطلاق، وهي لا تنطبق ليس لأن العقل العربي مستخدم كثيراً، ولا حتى استخدام “حشمة”!، ولا لشغله بأمور أخرى عطلت إمكاناته الطبيعية، فقبع إبداعه في تلافيفه إذا لم يكن قد أصابها التلف، بل لشك في وجوده أصلا!؟
أعود إلى الموضوع، مع كثرة الفروقات بين الساسة في عالمنا العربي والعالم الغربي إلا ان أكثر ما يلفت انتباه “العقل” العربي!، هو ان ساسة العرب لا تظهر مواهبهم الإبداعية إلا وهم في السلطة!، وبالتحديد على رأسها فيظهر منهم كتاب وروائيون ومبدعون في كتابة القصة القصيرة والطويلة ولو كان هناك قصص “ثخينة” ونحيفة لابدعوا في تحبيرها، وشاهدت بالصدفة ندوات طويلة في إحدى الفضائيات أو “الفضاوات” العربية، خصصت لنقد إبداعات القائد، و”جلب” لها من قيل إنهم نقاد ومفكرون من العالم العربي الذي اتفقنا أنه يشكو من عقله، وليس لدي اعتراض على ذلك، بل إنني لا أملك هذا الحق، لان العملية الإبداعية حق مشروع لمن استطاع إليها سبيلا، لكن ما أثار انتباهي هو تأخر ظهور تلك المواهب كل هذا الوقت!!، وحال صحتها وهي حبيسة لفترة طويلة قد تقاس بالعقود، مع ان هناك مرحلة زمنية من العمر متعارف عليها لتشق الموهبة طريقها إلى السطح، وفي النادر تأخرها.. إلا في حالة ساسة العرب!؟، لابد أنهم كانوا مشغولين بما هو أهم اي السياسة والنهوض بالامة المسحوقة واسترداد الحقوق المغتصبة، وضحوا لاجل هذه الأهداف النبيلة بمواهبهم وحبسوها مع ما في ذلك من معاناة وألم، بالطبع لا يمكن ان تكون هذه المواهب تفجرت مع المعاناة التي صنعوها هم لشعوبهم، فأصبح لديهم إبداع طازج لا يصح إهماله وعدم تدوينه والإفادة منه للأجيال القادمة!؟، وهم من فرط الإحساس بشعوبهم يكتبون وينشرون مثل بعض أفرادها ويساوون أنفسهم بهم بل إن بعضاً منهم لا يذكر اسمه إنكاراً للذات!،
في المقابل يتخلف ساسة الغرب ولا يشرعون في سطر إبداعاتهم وأفكارهم إلا بعد التقاعد، ونادرا ما يظهر بينهم روائي أو قاص فقد تركوا هذه المهن لافراد الشعب في فوقية عجيبة منهم!، وهم من يتحدث عن المساواة!؟.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط