أين يذهب الصحافيون؟

المعلومات الداخلية عن أحوال المنشآت الصحافية المحلية غير مبشِّرة، الصحافة الورقية كانت جاذبة للإعلان، وتراجع الجذب كثيراً لأسباب، منها التحول الإعلامي، والرقمي من الصحافة المحلية أو «الأون لاين» إعلانياً ليس بمستوى الدخل «المادي» المأمول.
تحاول الصحف الحصول على دعم مادي من الحكومة، لكن احتمال النجاح في تحقق ذلك ضعيف لأسباب، منها أن الدعم سيأتي بنتائج موقتة، مع الرأي الراجح الذي يقول بأفول شمس الصحافة الورقية، أما لو تحقق الدعم فهو لن يتم إلا بشروط، قد لا تتجاوب معها المنشآت الصحافية إلا متأخرة وحين يكون الوضع على حافة الحافة.
استغنت الصحف عن صحافيين، ومن المتوقع أن تتخلص من أعداد أكبر منهم وعدد أقل من الإداريين، فهم من يمسك بزمام الإدارة وتوجيه الدفة، ولأن الحديث عن المتسبب والأسباب في وصول الصحافة إلى هذه المحطة المقفرة غير مفيد الآن، ومن الكلام في الفايت، فلا بد من نظرة إلى مصير الصحافيين والصحافيات من محررين ومراسلين وعاملين في إدارات التحرير، وخصوصاً من ليس لديه عمل آخر والصحافة هي مهنته ووظيفته الأساسية الوحيدة. ويمكن ضم خريجي أقسام الإعلام في جامعاتنا إلى مصير هؤلاء نفسه، ولا أتوقع أن تكون أحوال هؤلاء من هموم إدارات المنشآت الصحافية، بنظرها ما لديها من هموم للحفاظ على استثماراتها أكبر وأهم، لذلك ولتخفيف الضرر وتحقيق أكبر استفادة ممكنة، أقترح على وزارة الإعلام المبادرة لإطلاق ورش «نوعية» لتطوير مهارات الصحافيين والصحافيات لتتناسب مع التحول الإعلامي، وحتى لا يزداد عدد العاطلين، وليتمكنوا من الحصول على عمل في وسائل إعلام أخرى، إن الحاجة إلى الصحافي قائمة، وستستمر مادامت هناك حاجة إلى الإعلام، والحاجة إلى الأخير في تصاعد، المهم تطوير المهارات لفتح آفاق التكيُّف مع الواقع الجديد.
 

نُشِرت في الحياة | تعليق واحد

ترشيد.. الهذر!

ألا تتفق معي أننا نكثر من الكلام، وأن الاختصار لدى كثير منا صعب، بل وغير محمود، فكثرة الكلام تعني عند البعض احتلال مساحة أكبر واستحواذ أشمل على… الهواء، هذا في العام في اللقاءات والحوارات، وفي استخدام الجوال هناك هذر وقرّ ورغي كثير، وامتدت مساحته لتصبح جزءاً من وقت قيادة السيارة، يشعر السائق أنه «فاضي» وهو يقود السيارة، فتم استئناس الجوال بمثابة رفيق للطريق، لكن المشكلة أن المخ واحد وهو ينشغل بالهذر عن الطريق.
لم أرَ أكثر استهتاراً من سائق مركبة يستدير في تقاطع وهو يتحدث بالجوال، فالأخ يرى انه محترف و«فنان»، أشاهد مثل هذا كثيراً، وغير بعيد عنه من يدخل مسرعاً من شارع فرعي الى شارع رئيس ويده اليسرى معلقة بالجوال، وكأنه ملتصق بغراء، اليسرى هنا ستحجب عنه السيارات القادمة، على افتراض أنه مهتم بها.
بعد يوم سيبدأ جهاز المرور تحرير مخالفات استخدام الجوال أثناء القيادة، سواء أستخدم لمكالمة أم لاطلاع على رسائل ومقاطع… إلى آخر ما يفعل كثير من السائقين، وللأسف! لا تحتاج الحادثة المرورية سوى إلى لحظة لتقع، ولا يعلم متى تكون هذه اللحظة، فحتى وأنت في أقصى درجات اليقظة قد تبتلى بسائق أو أكثر من المستهترين ينحرف فجأة إلى مسارك.
أفضل حل لاستخدام الجوال هو التوقف، لكن بعضهم يتوقف وقوفاً خاطئاً ليصبح عقبة في الطريق، «وكأنك يابوزيد ما غزيت».
اهتم الناس بمخالفة استخدام الجوال أثناء القيادة أكثر من اهتمامهم بمخالفة عدم ربط الحزام، وكأن الغالبية تربط الحزام، وهذا طبعاً غير صحيح، لكن مخالفة استخدام الجوال جديدة عليهم. وفي هذا اليوم المروري المبارك لا يسعني إلا أن أبارك لجهاز المرور الدخل المرتفع المتوقع.

نُشِرت في الحياة | التعليقات على ترشيد.. الهذر! مغلقة

العراق بين العربي والإيراني

ما يجمـــعنا بالعـــراق شـعباً وأرضاً أكثر مما يفرق بيننا بكثير، وهو من الكثرة بحيـــث تتـــضاءل معه جوانب الفرقة التي لم تكن لولا تغذية الأجنـــبي والطائفي لها، لذلك كان الغزو الأميركي- البريـــطاني لبلاد الرافدين موجـــعاً، ولا يمكن تناسي أنه السبـــب الأول لما آل إليه العراق العربي حتى استــطاعت إيران فرض هيمنتها عليه بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ولم يكن لهذه الهيمنة أن تتم دون موافقة واشنطن.
كانت إيران جاهزة قبل الاحتلال الأميركي بتنظيمات طائفية سياسية ومسلحة، وعملت على استغلال نتائج الاحتلال حتى سقطت الثمرة باردة في حضنها، استطاعت خلال عقد ونصف من التحكم بمفاصل الدولة العراقية وفرض رجالها سواء كانوا شيعة أو سنة، وحين يصرح أمين عام مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني محسن رضائي، عن سوريا بقوله إن «طهران أنفقت على دعم نظام الأسد في سورية 22 بليون دولار وســتأخذ أضـــعاف ما أنفقـــته»، مضيفاً في كلام موجه للمنـــتقدين داخل الـــنظام الإيراني بــقوله «وبالتالي إذا أعطينا دولاراً واحداً لشخص ما، فإننا سنأخذ ضعفه». لكن كيف سيتم هذا؟ يجيب على السؤال بتشديده على أهمية السيطرة الإيرانية على الصناعة والتجارة في سورية.
طهران تريد استنساخ تجربتها العراقية في سورية، ومن الواضح أنها تحقق تقدماً لتحقيق أهدافها، وكما استطاعت ركوب الثور الهائج في غزو العراق تواصل الاختباء خلف الدب الروسي في سورية.
إن الانفتاح الاقتصادي والإعلامي والثقافي السعودي والخليجي والعربي على العراق أمر مهم ومطلوب وله ضرورة، إنما التحدي ليس في هذا بل في القدرة على حرمان النظام الإيراني من التمتع بثمار هذا الانفتاح، وحتى لا يزهر في حقول نظام طهران.
ولنتأمل في كلام محسن رضائي وهو يمثل «مصلحة» نظام خامنئي حين يقول في التصريح نفسه، «ولو كان النصر يتحقق عن طريق المال، فإن السعودية يجب أن تأخذ بغداد اليوم».

 

نُشِرت في الحياة | تعليق واحد

وماذا عن بقية المواطنين؟

احتفى مجلس الضمان الصحي التعاوني بارتفاع عدد المستشفيات التابعة لوزارة الصحة، التي تم اعتمادها لمزاولة أعمال التأمين الصحي تحت مظلة نظام المجلس إلى (140) مستشفى، موزعة على عدد من مناطق المملكة، والمجلس كما هو معروف معني بالتأمين الصحي على موظفي القطاع الخاص فقط لا غير، في حين لا يحظى غيرهم من موظفين حكوميين أو متقاعدين من أي قطاع أو غيرهم من خارج نطاق الوظيفة بالتأمين الصحي لا تعاوني ولا غير تعاوني. والصورة بعد هذا الاعتماد تقول إن مستشفيات وزارة الصحة، التي تعاني أصلاً من تردي الخدمات وطول مدد المواعيد وأحوال لا يعلم بها إلا الله تعالى، ستتلقى ضغوطاً نوعية إضافية من المراجعين «موظفي القطاع الخاص». والمتوقع أن هذا الضغط سيكون على حساب الخدمات المقدمة للمواطنين العاديين، خصوصاً أن تلك الخدمات التأمينية مدفوعة الثمن، ولا شك في أن المستشفى سيفضِّل خدمة المؤمَّن عليه ويقدمه على غيره، على رغم حاجة الأخير الأكثر إلحاحاً.
ولاستكمال صورة المشهد، يجب النظر بعناية إلى أن القطاع الخاص قام ويقوم بتسريح آلاف من الموظفين، ومن المتوقع أن ترتفع وتيرة التخلص من آخرين خلال السنوات المقبلة، والنتيجة أن المواطنين الذين لا يشملهم تأمين صحي في ازدياد، وما يقدم لهم من خدمة في انحسار يزاحمون عليها، ولا يتوقع ولادة مثل هذا التأمين لهم في القريب العاجل، مع إنها قضية خدمة صحية يتردد دائماً أنها حق مكفول للمواطن! ولتكون الصورة أوضح، يشرف مجلس الضمان الصحي حالياً على خدمات التأمين الصحي لعدد 11,847,950 مؤمناً له، منهم (2,777,798) سعودياً و(9,070,152) غير سعودي.
وأمام هذا المشهد «الصحي» المؤسف، لن يكون أمام المواطن «العادي» سوى محال العطارة ودكاكين العلاج الشعبي.

نُشِرت في الحياة | التعليقات على وماذا عن بقية المواطنين؟ مغلقة

مجلس الضباع

عجزت وسائل الإعلام عن وصف ما يحدث من جرائم ترتكبها قوات الأسد مدعومة بروسيا وإيران في الغوطة بسورية. استنفدت كل الكلمات والعبارات، أشد الألفاظ استخدمت، حتى صدرت دعوات إعلامية إلى حاجة ضرورية لإنشاء كلمات جديدة تناسب ما يحدث فظاعة وحشية غير مسبوقة في تاريخ البشرية، فمن «جريمة العصر» إلى «الإبادة الوحشية» وهو وصف لهيئة الأمم المتحدة نفسها، مروراً بـ «الجحيم»، لكن كل هذا لم يحرك شعرة في القوى الكبرى الموجودة قوات لها قرب المجازر… المباريات الدولية انحصرت في التصريحات ونحت العبارات.
والمجتمع الدولي ممثلاً بمجلس الأمن أو «مجلس الضباع» يشاهد ويجتمع، كما هي العادة مقيداً بفيتو الكبار ثم يصدر قرارات لا يلتزم بها.
الإبادة الوحشية في الغوطة استكمال لمسلسل التهجير القسري، الأرض المحروقة، إيران تستخدم روسيا بنجاح لتكمل ما بدأته، وليس كما يروّج في وسائل إعلام من أن روسيا وضعت إيران ومصالحها في آخر القائمة، ما يحدث هو بالفعل ما خططت له إيران ويصب في مصلحة نظامها الطائفي.
يتنافس بشار الأسد وبوتين وخامنئي على أداء دور هتلر العصر دون رادع أممي، بل أن في هذا التخاذل الدولي ضوء أخضر لاستكمال تفريغ سورية من سكانها العرب السنة، فمن لا يهاجر يقتل ويسحق وإيران بعيدة عن واجهة اللوم والسخط الإعلامية فالمسؤولية روسية بالدرجة الأولى، يتم هذا وسط تصريحات شديدة اللهجة من الولايات المتحدة لا تحرك حجرا في الميدان لكنها تقدم مسكنات للعرب.

نُشِرت في الحياة | التعليقات على مجلس الضباع مغلقة