قياس الأداء والرضا

لم تكن الأجهزة الحكومية في الماضي مهتمة كثيراً بقياس مستوى رضا المواطن عن الخدمات من مصادر مستقلة، وكانت الأجهزة الحكومية تجتهد في تحسين صورتها من خلال تقاريرها السنوية، يشاركها الإعلام الرسمي و… «الصحف» في ذلك أحياناً، وفي أحيان أخرى قليلة يبرز بعض الصور السلبية، استمر هذا الوضع إلى حين انفجار وسائل الإعلام الجديد، التي أحدثت واقعاً جديداً له إيجابياته وسلبياته.
الأسبوع الماضي وبدعوة من مدير «أداء» المهندس/ حسام المدني، حضرت لقاءً تعريفياً عن المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة «أداء»، الذي يترأس مجلس إدارته ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، وبعضوية عدد من الوزراء والمستشارين. وخلال أكثر من ساعين استمعت مع زملاء وزميلات إلى شرح عن الدور المتوقع من إنشاء المركز، والمتغيِّرات المتعددة والمختلفة التي يستخدمها لقياس أداء الأجهزة العامة «الحكومية»، وصولاً إلى تحسين أداء هذه الأجهزة، من هذه الأدوات رضا المستفيدين من مواطنين ومقيمين عن أداء هذه الأجهزة. وينتظر أن ترى أعمال المركز النور للعموم في هذا العام 2018.
ولا شك في أن الحاجة إلى مثل هذا المركز ماسة وضرورية، وكانت المطالبات بإنشاء مثيل له قديمة، وهو إذا طبَّق المعايير التي شاهدنا شرحاً لها، سيساهم من دون شك إلى حد مؤثر في الرقابة بصورة غير مباشرة على أداء الأجهزة العامة، والواضح أن الإمكانات وفّرت من ناحية الاستقلالية واستخدام التقنية، مع استفادة من التجارب الدولية لإنشاء مركز لقياس «الأداء» على مستوى عالٍ، ينتظر منه الإسهام الإيجابي في تحسين أعمال الأجهزة العامة، ومراقبة تذبذب أو تراجع الأداء في أعمالها، وما يبشِّر بنجاح «أداء» في مهمته، أنه يرى النور في عهد تميز بالمرونة وسرعة اتخاذ القرار. في المستقبل القريب الأجهزة الحكومية مجبرة على وضع تقارير «أداء» في أولوياتها، فلم يعد الزمن صالحاً لاستخدام شركات العلاقات العامة و«بعض» وسائل الإعلام لتحسين الصورة.

 

نُشِرت في الحياة | التعليقات على قياس الأداء والرضا مغلقة

بقرة البطالة

اختارت وزارة العمل 12 نشاطاً فرعياً، من مجموع 720 نشاطاً في القطاع الخاص، لتفرض عليها توطين الشبان والشابات، والفرض – لا شك – مزعج لأصحاب الأعمال! لكن حتى تتضح الصورة أكثر لا بد من العودة إلى الأسباب التاريخية لتحول البطالة إلى مشكلة كبيرة، والمتسبب فيها، إضافة إلى سياسات وزارة العمل كان للقطاع الخاص المهيمن الدور الأساس في تضخم مشكلة البطالة، فمنذ بداية اهتمام الدولة بالقضية واجهت تمنعاً ومراوغة، ومع أن القطاع الخاص وصف بالشريك في التنمية منذ زمن بعيد، فإن هذا الشريك لم يفِ بواجباته، واستمر يطالب بالدعم! قام بهذا الدور القطاع الخاص الكبير تحديداً، والمتابع يتذكر تصريحات قوية لرجال أعمال فاعلين في الغرف التجارية ترفض التوطين، بذرائع مختلفة، ولصورة أشمل عن المحاولات الحكومية تم إنشاء صندوق الموارد البشرية منذ 18 عاماً، لكن خلال هذه المسيرة لم يسجل «هدف» لمصلحة التوطين الحقيقي، بل تحول إلى بقرة حلوب استفاد منها بالدرجة الرئيسة القطاع الخاص الكبير، وبرزت إلى السطح تشوهات «أو استغلال» أهمها التوطين الوهمي، الذي كان من مظاهر الفساد الصارخة في القطاع الخاص.
والمعنى أن القطاع الخاص الكبير كان مسؤولاً، فهو الذي يقود القطاع عموماً ويهيمن على مفاصله ويدير الغرف التجارية، وكان بالإمكان لو تجاوب بمسؤولية لما وصلنا إلى هذه المحطة. ومما لا شك فيه أن المنشآت المتوسطة والصغيرة هي الأكثر تضرراً أيضاً هي الأقل استفادة من الحليب، سواء من هدف أم من غيره.
وفي واقع الأمر… تاريخياً، تم تحويل مشكلة البطالة إلى مشروع استفاد منه جزء محدود من القطاع الخاص بمثابة مورد لجلب المنافع المختلفة من تأشيرات ودعم مالي ولمعان إعلامي، تخيل معي فقط لو أن صندوق الموارد «هدف» سار على السكة الصحيحة منذ نشأته قبل 18 عاماً لكنا استطعنا تحقيق الهدف من وراء إنشاء «هدف».
 

نُشِرت في الحياة | التعليقات على بقرة البطالة مغلقة

الصحة من «الأولية» إلى «المتخصصة»

ذكرت في مقالة (خدمات الصحة.. «المجانية») أنني لم ألمس تطوراً في الخدمات الصحية، على رغم كل ما «ينتظر» ويعلن من الجهود، وجئت بمثال على خدمات بعض مراكز العناية الأولية بالأحياء. وتعليقاً على هذالمقالة وصلت إلي أكثر من رسالة، أختار منها رسالتين بوجهتي نظر مختلفتين:
الأخ عبدالوهاب خالفني الرأي في جزئية أخرى من الخدمات الصحية، فروى تجربة إيجابية حين كتب: «في الحقيقة هناك تطور لم ألمسمن قبل، منذ تقريباً خمسة أشهر سقط والدي وهو يغسل يديبعد الغداء، حاولت احتواء الأمر فلم أستطع، عند ذلك اتصلت بالهلال الأحمر، فحضروا خلال مدة قصيرة، وحاولوا إنعاشفلم يوفقوا، فنقلوإلى أقرب مستشفى؛ وهو مستشفى خاص، وأعادوا المحاولة مدة طويلة ولم ييأسوا، لكن قدر اللوما شاء فعل! في الحقيقة، انتظرت أن يأتوني بفاتورة استخدام المرفق، ولكن لم يفعلوا، أكبر الظن أنهم يحصلونها من الحكومة، واللأعلم».
والرسالة الثانية أرسلها أبو سليمان، إذ كان مع زوجتفي مراجعة لمستشفى حكومي كبير متخصص، جلست زوجتفي غرفة انتظار النساء، وبعد خروجهما لاحظ أنها تبكي! لماذا؟ في غرفة الانتظار استمعت لقصة سيدة تعالج من مرض عضال، وتأتي من أقصى شمال المملكة إلى الرياض عند كل موعد لأخذ جرعة الكيماوي، وبحافلات النقل الجماعي، ليس معها سوى ابنها الصغير (9 سنوات)، في حين تنتظر عودتها أربع بنات في الشمال، ويضيف القارئ، الأصحاء لا يتحملون رحلة نقل جماعي من الشمال إلى العاصمة، فيكف بامرأة مريضة ليس معها إلا طفل في التاسعة؟! انتهى الاقتباس من الرسالة.
ويستغرب أن مستشفىً ضخماً بموازنة ضخمة، ولديفي المفترض إدارة رعاية للمرضى، ولا يستطاع الحصول على علاج فيإلا بصعوبة بالغة، لا يوفر تذكرة طيران لمثل هذالحالات المحتاجة إلى حين تنهض الوزارة وتوفر الخدمة في منطقتها.
ومع اتفاقي مع الرسالة الأولى أن خدمات الهلال الأحمر تحسنت كثيراً، فإن الخدمات الصحية إجمالاً كما رأينا من العيادات الأولية إلى المتخصصة جداً، هذأحوالها.

 

نُشِرت في الحياة | التعليقات على الصحة من «الأولية» إلى «المتخصصة» مغلقة

القلق بين الوزارات

وزارة العمل غير قلقة من خروج منشآت من السوق، وفي تصريح لنائب وزير العمل أحمد بن صالح الحميدان، قال لـ«الاقتصادية»: «الوزارة تعمل على هيكلة السوق»، مضيفاً: «نحن ننظر إلى سوق العمل بكامل جوانبه، ليس في توظيف الشباب ورفع نسب التوطين فقط، وإنما نسعى ونستهدف أيضاً إدخال السعوديين إلى السوق كأصحاب أعمال، وهذه التعديلات التي تجري ربما تؤثر في بعض المنشآت بالخروج من السوق لكن هذا لا يقلقنا، لأنه إذا خرجت منشآت تأتي منشآت أخرى». وأضاف أن «هذه هي حركة الأسواق الطبيعية.. منشأة تدخل وأخرى تخرج، لأن حركة الأسواق والقطاعات فيها تعتمد على مؤشرات رئيسة، مثل العرض والطلب والعائد والكلفة، وما دام أن هناك طلباً فسيقابله عرض، وهذه مبادئ اقتصادية عامة، والخطوات التي تتخذها وزارة العمل هي خطوات ضرورية لتأسيس الهيكلة الجديدة».. انتهى الاقتباس.
التصريح مهم، ومؤكد أنه سيحدث ردود فعل واسعة في أوساط القطاع الخاص المتوسط والصغير.
ومع أن لي وجهة نظر ولديَّ قلقاً، لكن بعد تأمل وتفكير واستخارة، خلصت إلى أن جهات حكومية أخرى أولى بالقلق مني، فهذه مسؤوليتها قبل الآخرين من المهمومين أو المهتمين أمثالي، فما رأي وزارتي التجارة والاستثمار، والطاقة «الصناعة» وهيئة المنشآت المتوسطة والصغيرة ومن في حكمها من أجهزة معنية بالقطاع الخاص؟ هل هم قلقون أم لا؟ وماذا سيفعلون؟ وبِمَ ينصحون أصحاب المنشآت المتضررة؟ ولم أعلم أين أضع هيئة توليد الوظائف في أي كفة، هل هي إلى القلق أقرب بحكم التخصص في «التوليد»! أم أنها تنتظر تشكّل الهيكلة الجديدة التي تعمل عليها وزارة العمل… وحدها، لتتوالد الوظائف آلياً؟

نُشِرت في الحياة | التعليقات على القلق بين الوزارات مغلقة

بسطة في مطار جدة

ما إن قرأ صديقي اللذيذ مقالة أمس عن أوضاع «المستثمرين» في مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، حتى بدأ يلوم نفسه، نادماً على فوات الفرصة الذهبية، قال: تخيل بسطة «سندويشات بيض وجبنة» في مطار دولي هو بوابة عالمية يستخدمها الملايين كل عام ومن دون تحصيل إيجار لمدة ربع قرن… أكثر من كذا «وناسة» لا يوجد. قلت وما يدريك ربما فواتير الكهرباء والماء على المطار.
والحكومة – ومن أدواتها الطيران المدني – تلاحق تحصيل الرسوم على الأفراد، فكيف تترك منشآت تجارية بعقود كل هذه المدة؟ يوحي هذا بأن للمطار في جدة خصوصيتين، الأولى خصوصية الإدارة، والثانية خصوصية التجارة، وحقيقة لا نعلم أوضاع المطارات الأخرى من هذه الزاوية، إنما بإمكان الجهة الرقابية التي كشفت تقريراً مسرباً نشرته «المدينة»، أن «تنورنا». من جهة أخرى، انكشاف هذه القضية «التاريخية» يفتح ملفات علاقة إدارة المطار بالخطوط ومسؤوليات التعثر وسوء خدمة تحولاً إلى ماركة خدمات للمطار.
ثقب إداري بمئات الملايين من الريالات في جهاز حيوي يعمل بصورة مكشوفة لا تهدأ فيه الحركة طوال الأربعة وعشرين ساعة! والمستغرب أن يتم «تسريب» التقرير بدلاً من نشره باسم الجهة الرقابية، فهو من أعمالها المنجزة، إلا إذا كانت لا ترى في القضية الظريفة سوى «نسيان» أو فقدان ذاكرة إداري. وقد يأتي من يقول إدارة المطار مشغولة بحركة المغادرة والقدوم وتوجيه الطائرات والمسافرين للصعود والنزول، وليست «فاضية» للتحصيل، فهي إدارة مطار وليست إدارة محال تجارية.

 

نُشِرت في الحياة | التعليقات على بسطة في مطار جدة مغلقة