هل جاء الفرج للمنشآت الصغيرة؟

أصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة تتركز أنظارهم على تعيين محافظ جديد لهيئة المنشآت المعنية بمصالحهم التجارية، وهي الهيئة التي يفترض أن تدعم هذه المنشآت في ظل ظروف اقتصادية صعبة عليها بالذات أكثر من غيرها، وهذه المنشآت حصلت على الكثير من الوعود منذ سنوات طويلة، سواء من الغرف التي تدفع لها الرسوم أم من الحكومة، لكن كانت القطعة الأكبر من «السوق» لصالح الكيانات الكبيرة والأكبر حجماً.
المحافظ الجديد المهندس صالح الرشيد بخبرات متعددة، أهمها في نظري تجربته في المدن الصناعية، بحكم قرب هذه التجربة من شجون القطاع الخاص وطموحاته وعقبات تقف أمام استمراريته هذه الفترة.
المنشآت الصغيرة والمتوسطة تشمل الصناعي والتجاري والخدمي، ولا شك في أن الضغوط كبيرة مع فرض رسوم ورفع أسعار وقود وغيرها زادت من الكلفة، وانخفاض قوة شرائية، وتوجه إلى التقشف. لكن هناك جانباً لم يلتفت إليه بحسب متابعتي الالتفاتة الواجبة، وهو عدم استقرار الأنظمة التي تنظم هذه الأعمال من مختلف الجهات الحكومية، بما يعني ذلك من عدم اطمئنان، واعتقد أن الأولوية هنا في التركيز على الشروط التي تنظم أعمال المنشآت من البلديات والدفاع المدني وغيرهما من جهات أخرى، بحيث تكون الصورة لدى الهيئة واضحة، لما يواجه أصحاب هذه المنشآت من تغير وتذبذب في رقابة، واشتراطات هذه الجهات تؤثر في استمراريتها.
النقطة الأخرى، أهمية النظر بعين «الرعاية» الإرشادية في قدرة هذه المنشآت على التحمل لما يفرض عليها بهدف مرونة التطبيق، للمساعدة في عدم خروجها من السوق وتمكنها من البقاء والتطور.
النقطة الأخيرة في هذه العجالة تتعلق بالتوطين، من الضرورة بمكان أن يتأكد صاحب العمل من استقرار الموظف السعودي عندما يوظفه، فمن الشائع أن يترك الموظف عمله من دون إنذار بوقت مناسب يسمح لصاحب العمل بإيجاد البديل، بالتنسيق مع وزارة العمل يمكن إنشاء سجل عمل للموظف، للتأكيد على عامل الجدية والمسؤولية تجاه الوظيفة.
 

نُشِرت في الحياة | التعليقات على هل جاء الفرج للمنشآت الصغيرة؟ مغلقة

اليمن ودروس من العراق

إثر غزو صدام الكويت الذي أحدث صدمة كبرى محطماً النظام الأمني العربي القائم تلك الفترة، انفتحت الأبواب للمعارضة العراقية في السعودية ودول الخليج. ولمجلة «اليمامة» التي كنت سكرتيراً لتحريرها ذلك الحين أجريت حوارات صحافية مع أطياف مختلفة من المعارضة العراقية في المنفى، بعثيين سابقين أو منشقين للتّو منهم من كانوا قريبين من صدام شخصياً، إضافة إلى حزبيين من القوميين والشيوعيين والإسلاميين وغيرهم. أصبحت هذه الحوارات مثل وجبة شبه أسبوعية للمجلة حتى أن زميلاً في المجلة «الله يذكره بالخير» الأستاذ اسحق وهو من السودان علق على ذلك بقول بقي في الذاكرة: «لقد فتحت علبة ديدان»!، وهو تعبير مجازي كما لا يخفى. كان المعارضون العراقيون لصدام يجتمعون على كل شيء من الأكل العراقي إلى المواويل وشعر السياب وذكريات بغداد، لكنهم حين تأتي السياسة ترتفع أصوات اختلافاتهم ويظهر العداء بينهم. وأجد أن واقع اليمن مشابه للعراق، علبة ديدان ومعها ثعابين، يغلب عليها طغيان الحزبية ومحاولة الاستئثار خارج مصلحة يمن جريح وفقير وممزق. في ذاك الزمن كانت إيران تبني معارضتها العراقية على طريقتها المتأنية بتوليد الميليشيات الطائفية، وقد أثبت هذا الأسلوب لاحقاً نجاحه بعد وصول الثور الهائج، لتخسر كل أطياف المعارضة العراقية الأخرى ومعها الشعب العراقي، لم تنفعها مؤتمرات وندوات أو وعود، بل بقيت في المنفى أو طريدة في وطنها مع قتل وتهجير حاضنتها ومن كانت تدعي تمثيله.
إذا لم يتحد اليمنيون على هدف واحد يتركز على تخليص اليمن من الميليشيات الحوثية الإيرانية أولاً ثم يمكن بعدها طرح كل الملفات للنقاش فإن مصيرهم ومصير وطنهم لن يختلف كثيراً عن العراق وربما أكثر سوءاً، بل إن الشعب اليمني سيطيح بكل هذه الطبقة السياسية إذا لم تتخلص من انتهازيتها الحزبية والتنفيعية، وهذا ينطبق على الساسة في شمال اليمن وفي جنوبه. وفي اليمن كفاءات مؤهلة أجبرت على الاغتراب لا علاقة لها بخبث السياسة وأطماعها، وهم مؤهلون إذا توافر لهم في بلادهم أمن واستقرار شمالاً وجنوباً للنهوض بها.

نُشِرت في الحياة | التعليقات على اليمن ودروس من العراق مغلقة

سكر من التمر.. أكثر حلاوة

شاهدت تقريراً تلفزيونياً على قناة mbc عن نجاح رجل أعمال سعودي في صناعة بودرة السكر من التمر، وعلى رغم كثرة الحديث والندوات عن ضرورة الاستفادة القصوى من النخلة، منذ زمن بعيد لم نَرَ تطوراً في الصناعات التحويلية، ما تطور هو تعليب التمور وإضافات عليها، وتركيز على الشكل.
علي الياسين من الأحساء هو صاحب مبادرة استخراج بودرة السكر من التمر، بعد نزع النوى والتجفيف، مراحل قليلة ومن دون إضافات، لا شك أنها تفتح مجالات كبيرة للصناعات التحويلية للتمور، وتزيد من القيمة الاقتصادية للنخلة، لكن عاب التقرير أنه لم يتطرق إلى الكلفة، فلها كما يعرف كل اقتصادي الأثر الكبير في الجدوى مقارنة بالمنافس أي السكر الأبيض العادي، إضافة إلى عدم ذكر النكهة هل لا تزال نكهة التمور عالقة في السكر الجديد أم لا؟ أيضاً لها تأثير هي الأخرى.
هذا لا يقلل من قيمة المبادرة، وخلال بحثي حول الموضوع، شاهدت مقطعاً عن إنشاء مصنع لإنتاج السكر السائل من التمور في الجزائر، لا شك أن البودرة أكثر فرصاً للتسويق والاستخدامات من السائل، أيضاً كان أحد المهندسين قد عرض فرصة إنشاء مصنع للسكر السائل من التمور بجدة في برنامج تعرضه قناة «روتانا» بعنوان «تحدي الهوامير»، لكنه لم يجد رغبة من المستثمرين الحاضرين في المشاركة، طبعاً لا يمكن عرض تصنيع سكر من التمر لمستثمر في العسل.
في تجربة علي الياسين وبحسب ما ذكره، هو يختار التمر المتوسط والصغير الحجم، لأن الطلب عليه أقلّ من الكبير الذي وصفه بالفخم، المستهلك روّج له الحجم، وللحجم في مجتمعنا أهمية حتى ولو لم تكن له قيمة! لكن ماذا عن أنواع التمر الرخيصة والقليلة الطلب؟ كيف يمكن الاستفادة القصوى منها؟ قبل سنوات التقيت مهندساً عربياً حاول جاهداً تسويق فكرة إنتاج الكحول الطبي من التمر الرخيص، الذي يمكن أن يُرمى أو يقدم علفاً للماشية، بمعنى أردى أنواع التمور، وحاول بعض المستثمرين التفكير بالفرصة، إلا أن محاذير إمكانية سوء استخدام إنتاج الكحول وقفت عقبة. من المعلوم أننا نستورد الكحول الطبي، واستخداماته معروفة وفي نمو، وإعادة التفكير في هذا الاستثمار مجدية، وبالإمكان وضع شروط صارمة. وأعتقد أننا لم نُعْطِ النخلة بكل مكوناتها وفي مقدمتها التمرة حقها من الاهتمام الجاد، على رغم عدد من مراكز البحوث في الجامعات التي تعنى بالنخلة، لكنها بقيت منزوية داخل جدران مبانيها.

 

 

نُشِرت في الحياة | التعليقات على سكر من التمر.. أكثر حلاوة مغلقة

الشفافية دواء الفساد

مع مؤشرات انتهاء أكبر عملية حرب على الفساد جرت في المملكة في الفندق الفخم الريتز كارلتون، من المهم تقصي الأثر المتوسط والبعيد لهذه العملية الجراحية التاريخية. الأثر القريب يمكن تلمسه، خصوصاً للأجهزة المعنية التي يمكنها الإجابة عن مستوى الفساد في الجهاز الحكومي انخفاضاً أو ثباتاً منذ الإعلان عن الإيقافات وصدور البيان الأول للنائب العام. والانطباع العام أن ما حصل أحدث صدمة لدى من تسوّل له نفسه العبث بالمال العام، إلا أن تأكيد هذا الانطباع لن يجزم به سوى أجهزة رسمية ترصد.
وشخصياً أتوقع أنه ليس كل من زار الريتز خلال الأشهر الماضية متهماً بالفساد، فقد يكون السبب تقصياً وتحرياً لمعلومات حول قضايا متعددة تمت خلال سنوات طويلة وكان على علم بها بحكم وظيفته أو أعماله في تلك الفترة.
ولا شك في أن اجتثاث الفساد ليس بالأمر اليسير إلا أنه ممكن الحد الكبير منه بتحديث الأنظمة مع وضوحها، إضافة إلى رفع درجة الشفافية وفتح مجال أوسع لوسائل الإعلام للنشر وتقصي القضايا والحصول على المعلومات. ومع كبر حجم ونوعية الإجراءات ضد الفساد التي تبلورت في إيقافات الفندق لشهور، لم نر تطوراً في عمل هيئة مكافحة الفساد «نزاهة»، ولا تبتعد عنها أجهزة رقابية أخرى مثل هيئة الرقابة والتحقيق أو ديوان المراقبة العامة. وكنت أتوقع أن نشهد عملاً مختلفاً من هذه الأجهزة أقلّه خلال الفترة القصيرة الماضية لنلمس فارقاً بين أسلوب عملها السابق وبعد إنشاء الهيئة العليا لمكافحة الفساد.
على مستوى الأثر المتوسط والبعيد لا شك في أن الريتز كارلتون كان علامة فارقة في الحرب على الفساد وهدر المال العام، فمواجهة الفساد اختلفت تماماً مع تقصٍّ تاريخي لقضاياه التي كان يُعتقد أنها لا تمس، فلم يعد هناك مكان للمقولة السائدة عفا الله عما سلف في قضايا الفساد والتنفع من المال العام.

نُشِرت في الحياة | التعليقات على الشفافية دواء الفساد مغلقة

بوتوكس البعارين

نقل الإنسان هوسه بالشكل إلى الحيوان وفي جري وراء الجوائز والبروز الإعلامي، «عبث» البعض بالإبل «لتجميلها» طمعاً بحصد الجائزة، فكانت حقن البوتوكس لترميم التجاعيد، مع نفخ الشفاة وتغيير الألوان.
لكن ما هي المواصفات لجمال الإبل، بعبارة أخرى ما الذي يصنف هذه الناقة بأنها أجمل من غيرها بحسب ما هو سائد ومتعارف عليه بين محبي الإبل وهواة تربيتها؟
يجيب على هذا الدكتور ذيب المري رئيس اللجنة الطبية للكشف عن الغش والعبث بمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل في لقاء مع «العربية» ليضيف إلى معلوماتنا قائلاً أن «50 في المئة، من جمال الناقة، يكمن في الرأس، بداية من الأذنين، وحتى الرقبة، والعيون، والأنف، وشكل الشفاه، وتدليها، وتفاصيل كثيرة في الرأس، فيما تتوزع مقاييس الجمال المتبقية على جسم الناقة ولونها وارتفاعها والخف وغيرها من الأجزاء في الناقة».
ولم أعرف هل زيادة تدلي الشفاة يصنف من الجمال أم نقيضه! كما لم يذكر هل للبعير مواصفات «وسامة» أم لا؟، لكن من الواضح أنه وضع في دكة الاحتياط!.
من الجديد في المهرجان تطور التنظيم والحد من العبث بتعذيب الإبل «لتصبح أجمل» بعمليات جراحية وإحالة ذلك إلى الرفق بالحيوان في الزراعة مع غرامات ومنع مشاركات. ويشير هذا التدقيق الجديد إلى حالة الفوضى السابقة لذا حذر رئيس اللجنة «سماسرة الجمال، الذين يدعون استطاعتهم ترتيب الإبل، لتصبح أجمل، وبالتالي يلجأون لمثل هذه الحيل، لكسب مادي».
ولا يزال الهاجس المسيطر في تربية الإبل متركزاً على الزينة، وكان من المأمول أن يتم التركيز أكثر على اقتصاد التربية بحثاً وتحرياً عن أفضل السبل لزيادة الإنتاج واستغلال أمثل له «من اللحوم والحليب وغيرها» مع خفض التكلفة وابتكار تنوع أعلاف يخفف من الضغوط على المربين في أوقات القيظ وتوعية أعمق بضرر الرعي الجائر على البيئة ومستقبل نمو الثروة الحيوانية، وكذلك سلبيات التعدي على المحميات والمزارع والطرق.

نُشِرت في الحياة | التعليقات على بوتوكس البعارين مغلقة