رعب المستهلك

مع أنها حملات إيجابية وتستهدف تنظيف السوق من المغشوش بمختلف أنواعه، إلا أنها في جانب منها تسبب رعباً للمستهلك، فهو لم يعد يأمن السلعة، من العسل إلى شواحن الهواتف والتوصيلات الكهربائية، كميات ضخمة تظهرها فرق وزارة التجارة أو غيرها من الجهات المعنية ولا أجابة على أسئلة يعاد طرحها.
إذا أعلنت الجهة الرسمية عن العثور على عسل مغشوش أو يعبأ بطريقة سيئة وتضاف إليها إضافات عليها ملاحظات وفي بيئة قذرة يجب أن يعلن عن اسم المنتج، ويوضح أين تم تسويقه، وآلية سحبه من على الرفوف، الحاصل الآن كنتيجة من حملات وزارة التجارة ومقاطعها الإعلامية عن المداهمات أن المعلومات ناقصة، العسل نموذج، إلا أنه ليس الوحيد، ففي قضية الشواحن والتوصيلات، هل هي لا تصلح للاستخدام وخطرة على السلامة؟ أم أن المشكلة في تزوير علامتها التجارية؟
إذا كانت رديئة وخطرة الاستخدام فكيف سمح لها بالمرور من الجمارك ومن الدولة التي صدّرتها والتاجر الذي استوردها؟ ولماذا لا يوقف هذا المسلسل الطويل؟ أما إذا كانت تزييف اسم تجاري شهير لبيع المقلّد بسعر أعلى، فمن الواجب أن يذكر اسم المؤسسة أو الشركة التجارية، سيقال إن هذا أمره عند السلطات القضائية، ويحتاج إلى وقت، لكن على كثرة الحملات القديمة لم نقرأ صدور حكم قضائي في قضايا الغش هذه، فإذا كان التأخير من القضاء تُسأل وزارة العدل، وهي التي تنشر آلتها الإعلامية عن تطورات في أعمالها.
من حق المستهلك أن يعلم من هو الذي يقف أو من هم وراء هذه المستودعات الكبيرة وشحن البضائع الضخمة، ومن واجب وزارة التجارة إكمال مهمتها بتسريع صدور الأحكام القضائية وإعلانها، أما عند الإعلان فلا بد من ربطها بالمقاطع التي نشرت عن حملات المداهمة.

 

نُشِرت في الحياة | التعليقات على رعب المستهلك مغلقة

هناك تقدم

تعاطي الأجهزة الحكومية مع القضايا يخبر عن الوضع الإداري؛ هل هو في تقدم أم لازال جامداً؟ «على طمام المرحوم»، حسب المثل الشعبي، وغلب الإنكار ورمي المسؤولية خارج حدود صلاحيات الجهة الحكومية في السابق لتحسين الصورة، أو التطنيش وإهمال القضايا المطروحة حتى تنسى، ويتسيد المشهد قضايا جديدة، ولازالت بعض الأجهزة تحرص على اتباع الأسلوب الأخير.
من التقدم في التعاطي الإيجابي، الذي لمسته أخيراً، الإجراء الذي اتخذه وزير النقل بإعفاء المدير العام للطرق في منطقة جازان من منصبه بعد حادثة توفى بسببها 6 أشخاص، صدمت سياراتهم شاحنة على طريق صبيا، وقال بيان النقل إن التحقيقات كشفت أن سائق الشاحنة حاول تفادي حفرة في الطريق فكانت الحادثة المؤلمة، مضيفاً أن التحقيقات ستشمل المسؤولين عن تنفيذ مشروع الطريق الذي وقعت عليه الحادثة والمقاول المنفذ له والمهندس المشرف، انتهى.
قبل سنوات وقعت حادثة مشابهة في حائل لباص ينقل طالبات توفى جرائها 12 طالبة والسائق، كان السائق يحاول تفادي حفرة في الطريق فوقعت الحادثة، أول لجنة حكومية شكلت للتحقيق وضعت المسؤولية على المرحوم! وبفضل الله تعالى تطوع محامٍ شهم للدفاع عن السائق وحقوق الطالبات، وبعد سنوات من الجهود اتخذت القضية مساراً آخر، رحمهم الله جميعاً، وننتظر من وزارة النقل الوفاء بوعدها بالإعلان عن الإجراءات المتخذة ضد كل الأطراف المتسببة بتهالك الطرق.

نُشِرت في الحياة | التعليقات على هناك تقدم مغلقة

الصحافة الورقية مرة أخرى

اتصل بي صديق يعمل مديراً عاماً لإحدى المؤسسات الصحافية، ولا أذكر اسمه لأني لم استأذنه، الاتصال تعقيباً على مقالة أزمة الصحافة الورقية وما طرح حولها أخيراً، وقد أوضح لي نقطة مهمة غابت عني، وهي أن المؤسسات الصحافية على رغم أنها تجارية إلا أنه لا تنطبق عليها أنظمة التجارة، وتُرخص من قبل وزارة الإعلام، كما أنه ليس لديها سجل تجاري يسمح لها بمرونة الحركة، وليس من السهل تداول أسهمها أو بيع حصص في ملكيتها لآخرين إلا بشروط صعبة.
ولا شك أن مثل هذه القيود ساهمت في أزمة إدارة الصحافة الورقية، من ناحية استشراف المستقبل والتوقعات حول تغيّر السوق وتزايد المنافسة من وسائل أكثر حداثة وجذباً، وأعتقد أن وزارة الإعلام تستطيع بالتنسيق مع وزارة التجارة حلحلة هذه القيود، ربما تجد المؤسسات الصحافية متنفساً مع أن الوقت تأخر كثيراً، والغريب في الأمر أن رؤساء تحرير الصحف في المعلن على الأقل لم يسعوا إلى ذلك أيام ربيع الصحافة الورقية، لماذا أركز على رئيس التحرير؟ لأنه أقرب وصولاً وتفاعلاً مع أصحاب القرار.
في جانب آخر مهم في مسألة «دعم» الصحافة الورقية، ذكر لي الصديق أنهم لم يصرفوا رواتب موظفيهم منذ ثلاثة أشهر، وأعلم كما يعلم كل قريب من الصحافة المحلية أنها تعاني منذ ثلاث سنوات تقريباً، وأن الذي يدفع ثمن هذه المعاناة بالدرجة الأولى هم المحررون المتفرغون، ومعظمهم مواطنون ومواطنات، كما أن الإعلان الرقمي في مواقع الصحف من حيث القيمة والطلب غير مجزٍ، ولا يقارن بالإعلان الورقي، إضافة إلى احتكار توجيه الإعلان المعروف، في نقطة ثالثة أشار الصديق إلى مسألة مهمة، وهي ماذا سيحدث لخريجي أقسام الإعلام في جامعاتنا التي لا تزال تدرس الإعلام القديم أكثر من الجديد والسؤال أين سيذهبون؟
أحببت عرض وجهة نظر الصديق، ويهمنا جميعاً أن تبقى الصحافة المحلية قوية ومؤثرة ومتطورة، وموظِّفة أيضاً للشباب والشابات بوسائل أحدث، والحاجة إلى المحرر الصحافي والكاتب مستمرة، فهي حاجة الإعلام الذي تتزايد قوته وأثره وأهميته، لكن التغيير حصل في الوسيلة وأساليب طرح المحتوى.

 

نُشِرت في الحياة | التعليقات على الصحافة الورقية مرة أخرى مغلقة

«على دربك لا تشيل ولا تحط»

المثل الشعبي يقول «على دربك شل حطبة»، شيل الحطبة – وهي واحدة وليست شحنة شاص – أمر سهل، ولن يكلف جهداً يذكر، والمثل قال «شل» ولم يقل اقطع، وما يحمل هو ما سقط من الشجر، واستخدامه هو المرغوب بدلاً من القطع. وزارة البيئة قالت إن 80 في المئة من الغطاء النباتي تدهور خلال الأربعين سنة الماضية، والواقع أنه تدهور بعلم الوزارة، لكنها لم تكن تهتم ولم تلتفت، فالبيئة كانت كلمة غريبة إلى وقت قريب، صحيح كان هذا في زمن سابق و«حنا عيال اليوم»، لكن الأربعين سنة رسخت سلوكيات سلبية يغلب عليها البلادة وعدم المسؤولية والاستهتار، فأصبح أمثال هؤلاء يقطعون الشجر ويزرعون أكياس النفايات! في بيئة فقيرة أصلاً. وأذكر أن أصدقاء من هواة «الكشتات» كانوا ومنذ زمن – قبل صحوة النظافة – يحملون معهم أكياس نفايات، فكان ذلك مثال تندر وأحياناً سخرية من يزورهم أو يشاهدهم وهم يحملون بقايا رحلتهم إلى أقرب حاوية.
الوزارة تقوم بحملة توعية لعدم استخدام الحطب المحلي، وليس من السهل على المستهلك العادي أن يفرق بين حطب محلي أو مستورد، لذلك هو يشتري المتوفّر وخصوصاً في المحال على محطات الطرق الطويلة، وهي جزء من بؤر بيع الحطب المحلي.
لن نتمكن من إعادة الغطاء النباتي وتنميته إلا برفع قيمة الشجرة وتقديرها لدى النشء، فإضافة إلى الاحتطاب الجائر، هناك سوء استخدام للأشجار القليلة، إذ للأسف تتحول إذا بقيت واقفة إلى مظلة نفايات!
في جانب آخر، تقوم «البيئة» بمساعدة متطوعين من المهتمين بحملات للتشجير، وهذا جهد رائع انتظرناه طويلاً، إلا أن هذا التشجير يحتاج إلى حماية لينمو، لذا لا بد أن تقرن الوزارة حملة الاحتطاب بحملة ضد الرعي الجائر، وأن يكون لها موقف واضح حازم من ذلك.
 

نُشِرت في الحياة | التعليقات على «على دربك لا تشيل ولا تحط» مغلقة

أزمة الصحافة الورقية

في الوسط الإعلامي السعودي كان الصحافي عثمان العمير أول من حذر من أن أزمة الصحافة الورقية مقبلة. أظن ذلك حصل عند تدشين صحيفته الإلكترونية «إيلاف»، ولا نعلم بعد كل هذه السنوات عن وضع «إيلاف»، هل استطاعت الوقوف على رجليها أم لا؟ في تلك الفترة تسابقت الصحف المحلية على إنشاء مواقع على الإنترنت وانشغلت بتنافس دعائي حول صاحبة أول موقع والأكثر زيارة، وتم التجريب في هذا الذي استفادت منه شركات أو «مندوبو» التقنية مع تغييرهم المستمر. الفترة نفسها تقريباً وما تلاها كانت صحف محلية تفاخر بأرباحها المالية المتحققة كل عام، وعلى رغم المؤشرات الواضحة حول أزمة الورقي استثمرت بعضها بمطابع جديدة!
هذا ملخص لواقع الصحافة الورقية المحلية وهي تتبع مؤسسات أو شركات تجارية، فلم يكن هناك استشراف للمستقبل وتحسب للتغيرات المتسارعة، ويشبه ذلك أزمة البطالة من ناحية كثرة الحديث عنها منذ سنوات طوال من دون مواجهتها بحزم لئلا تتضخم.
والمؤسسات الصحافية في زمن الوفر المادي لم تستثمر في تدريب وتطوير الإعلامي والصحافي السعودي كما يجب، لذا حينما ظهرت الصحف الإلكترونية كانت -ولا تزال كثير منها- ميداناً «للعك» المنسوب للصحافة والإعلام وقد ألحق ذلك ضرراً كبيراً في مهنية وموثوقية الأخبار وضرراً آخر في تشويه صورة المجتمع بحثاً عن الإثارة.
الصحافة الورقية موجودة رقمياً لكنها بقيت على حالها عند الإنشاء مع تطور وتوالد وسائل الإعلام الرقمية التي جذبت القارئ، أصبح الخبر يصل بثوان، لا شك في أن الورقي يعيش أزمة، إنما من ناحية المهنية هو أكثر موثوقية من غيره في وسطنا المحلي مع اختلاف بين صحيفة وأخرى. والأزمة في المفترض مولدة للأفكار والإبداع، وإذا ما قررت الحكومة الدعم كما يطالب الأستاذ خالد المالك أتوقع أن يكون لها نصيب في الإدارة.

نُشِرت في الحياة | تعليق واحد