الأشجار تثمر بطانيات

لأجل من يحتاج إلى بطانية لمواجهة البرد القارس؛ وضع البعض بطانيات جديدة على جذوع أشجار، هكذا قالت صورة «لا أعلم عن صحتها»، وكتب تحتها تعليقات في «تويتر»، بعضهم قال إنها في حي الريان بالرياض، وآخر قال إنها في حائل، وانشغل الأكثرية من المعلقين والمعلقات بإزجاء الشكر والدعاء لفاعلي الخير، في حين نبه آخرون إلى كرم السكان «هنا وهناك»، ومحبتهم لعمل الخير.
ومن الطبيعي أن مثل هذه الخطوة لن تصل في الغالب الأعم إلى المحتاج في حيه الفقير البعيد، والأغرب أن من لا يحتاج سيأخذها للبيع، أو لإضافتها إلى ما لديه.
ولو نشرت الصورة من دون إشارة إلى فعل الخير لربما أحدثت تهكماً و«طقطقة» على أشجار تثمر بطانيات أو تتدثر بها اتقاء البرد، إلا أن ما يلاحظ هو سهولة اقتناع البعض بمثل هذه التصرفات، إن صحت، مع أن هناك احتمالات، منها أن يكون تاجر بطانيات لديه مخزون ويريد تصريفه فاخترع هذه الصورة طمعاً في تحولها إلى ظاهرة، وإلا فإن المحتاجين يجب البحث عنهم، وليس تعليق ما يحتاجون إليه أمام منازل المقتدرين.
في حوار مع تشاماث باليهابيتيا، الذي كان يشغل منصب نائب قسم نمو المستخدمين في شركة فيسبوك في الفترة من 2007 إلى 2011، قال إن الموقع يدمر آلية العمل في المجتمع. تشاماث المستقيل من عمله أضاف كلاماً مهماً، إذ ذكر أن «حلقات التغذية المرتدة، التي أنشئت بالموقع على المدى القصير، تدمر كيفية تطور المجتمع، في إشارة إلى التفاعلات المستخدمة على (فيسبوك)، مثل الإعجاب وغيرها».
كم من الصور والتعليقات والمقاطع يبحث منشؤها في الحقيقة عن الإعجاب في وسائل التواصل المختلفة لزيادة عدد المتابعين والإشادات من دون اهتمام بحقيقة وفائدة المحتوى، وربما أثره المدمر أو المشوه.
غني عن القول إن فعل الخير له أساليب تتحرى من يستحقه، والبحث عن المحتاج جزء مهم وأساسي، بل هو الجزء الأكثر صعوبة لفعل الخير ونيل ثوابه.

 

نُشِرت في الحياة | التعليقات على الأشجار تثمر بطانيات مغلقة

عن السؤال لماذا

لنترك ما تعلمناه في الاقتصاد عن تعريف القيمة المضافة، ونتجه إلى ما أُطلق عليه ضريبة القيمة المضافة، لنسأل وزارة الاقتصاد والتخطيط، وهي المعنية، إذا كان المواطن يشيل الهم عن الحكومة بسبب تردي خدماتها في قطاعي الصحة والتعليم، ففي الصحة لا انتشار للخدمات مع طول مراجعات وتردي خدمات، وفي التعليم الحكومي مثله لا توفّر لمقاعد، ولا انتشار لمدارس حكومية في أحياء كثيرة، مع سوء أوضاع الكثير من المتوفِّر، تحمَّل بعض المواطنين الهم عن الحكومة، بسبب عدم قدرتها على الوفاء بحاجاتهم، على رغم الموازنات الضخمة طوال سنوات، فاتجهوا إلى القطاع الخاص على مضض ومن دون قناعة تامة بالجودة في الصحة والتعليم، فلماذا يدفعون ضريبة قيمة مضافة على اختيار المضطر هذا! وكيف سينعكس التطبيق في عودة الكثير من الناس للضغط على الخدمة الحكومية في التعليم والصحة!
لا أحد يجيب عن السؤال لماذا؟ ولم تلتفت له وزارة الاقتصاد، ونحن لسنا مثل الدول الأوروبية والغربية عموماً، لا من حيث الدخل وتوفّر الخدمات وجودتها، ولا حفظ الحقوق، ولسنا مثلها في الإنتاج في ما يتعلق بالقيمة المضافة على السلع.
في مشوار التنمية وتحسين ظروف المعيشة للمواطن، لم تكن الأموال هي المشكلة، بل كان حسن توظيف المال هو المشكلة، والحكومة هي المسؤولة، وكان للفساد دور كبير في التخريب مالياً وإدارياً، ورأينا أن كثيراً من رفع الكلفة على المال العام كان هدفه الفساد، وكان من نتائجه أن استمتع البعض بوفر مال فاسد لم يطل المال العام فقط، بل طاول الأمل العام، حيث عمل تخريباً في الإدارة، فلم ينتج على رغم الصرف، خدمات مستحقة للمواطن في كثير من المجالات، هذا التأخير دفع ويدفع المواطن ثمنه مع دخل شبه ثابت وبطالة، فماذا يمكن لنا توقعه من آثار؟
 

نُشِرت في الحياة | التعليقات على عن السؤال لماذا مغلقة

التوازن يا وزارة العمل

قررت وزارة العمل إلزام الأفراد ببطاقات مسبقة الدفع لرواتب العمالة المنزلية، وحددت الوزارة مهلة ستة أشهر للعمل بهذا القرار، وهو قرار محمود، ومطلوب، وله حاجة لحفظ حقوق الطرفين، وهو في المفترض سينهي استصدار شهادة من مكتب أن العامل أو العاملة تسلم حقوقه عند إصدار تأشيرة خروج نهائي.
إلى هنا لا مشكلة، لكن المشكلة في اختيار بطاقة مسبقة الدفع لتنفيذ هذا الإجراء، ويقال إن البنوك تفرض رسوماً مالية عليها «100 ريال» ولا أعلم حقيقة ذلك، ومن الجلي أن البنوك لا تريد فتح حسابات للعمالة، لماذا؟ لا نعلم، إنما من الواضح أن قوة البنوك مدعومة بمؤسسة النقد السعودية، تعطيها اليد العليا في فرض أسلوب تطبيق الإجراء.
إذا كانت مؤسسة النقد تحافظ وتقاتل لمصلحة البنوك فإن على وزارة العمل أن تحافظ على مصلحة المواطن، بألا يفرض عليه تكاليف أخرى، رواتب العمالة هي أموال تضخ سيولة في خزائن البنوك، وستستفيد منها، وهي من يقرر أن تصل إلى من أرسلت إليه، وحسب مصالحها، لذا فإن من الظلم استحداث تكاليف جديدة خاصة إذا ما صدقت مقولة إن هناك رسوماً على إصدار بطاقة من هذا النوع.
يشعر الناس أن وزارة العمل لا تراعي مصالحهم كما راعت ودعمت مصالح شركات الاستقدام ومكاتبه وحقوق العمالة، فالشركات تحتفظ لنفسها بفرض الشروط عند التعاقد، وتحصل على تأمين ضد الهرب مع أن المواطن ليس مسؤولاً عن هذا الهرب، إذا حدث وهو أكثر من دفع ثمناً له، هذا نموذج لتقصير وزارة العمل في حفظ حقوق المواطنين، إذا كانت «ساما» محامي البنوك، ووزارة العمل المدافع عن حقوق العمالة المنزلية وغير المنزلية، فمن هو محامي المواطن؟
 

نُشِرت في الحياة | التعليقات على التوازن يا وزارة العمل مغلقة

على باب السينما

تم اتخاذ القرار بالترخيص لافتتاح دور للسينما في السعودية، بعد سنوات من ترك هذه المسألة لتصبح من عناوين الجدل والتراشق، وهي مثل قضايا أخرى لم يتم الجلوس مبكراً وبمسؤولية لنقاش إيجابياتها وسلبياتها حتى أصبحت بالوناً يستخدم من الخارج.
المهم الآن ما بعد القرار، والسؤال لوزارة الثقافة والاعلام ما هو النموذج الذي تعتزم تدشينه في السعودية؟ وهل ستترك المسألة لمقولة «متطلبات السوق» التي يسيطر عليها التسويق والمتردي؟
بإمكان وزارة الإعلام وهي تضع اللوائح الآن لنظام دور السينما أن تصنع نموذجاً يتحرى الإيجابيات وينبذ السلبيات، بإمكانها ألا تقع في الأخطاء التي وقعت فيها هيئة الترفيه وهيئة المنشآت المتوسطة والصغيرة، في عروض وفعاليات أحدثت ردود فعل سلبية لأنها مستوردة بكراتينها، فسمحت لمن يترصد بالحصول على ذخائر لحملاته وشوهت الفكرة وأهدافها الايجابية.
ومن الواجب على وزارة الإعلام ألا تسمح لأي اعمال سينمائية لأفراد من ممثلين ومخرجين أو شركات إنتاج لها تاريخ عمل ضد البلاد أو لها علاقة عمل مع جهات مناوئة، لعلها تستفيد من أخطاء قنوات خاصة مثل مجموعة إم بي سي التي صنعت نجوما انقلبوا ليس عليها فقط، بل على البلاد التي أنشأتها والسوق التي رفعت من شأنهم.
كما انه من الواجب على وزارة الاعلام ان تضع شروطا لقيمة المحتوى المقدم، فلا تسمح لأعمال التهريج السينمائية ولا الأعمال التي تستغل الغرائز، فليس مهما كم دار سينما لديك، المهم ما يعرض فيها، اما اذا ترك هذا «الاختيار» للقطاع الخاص، فنبشر وزارة الإعلام من الآن بأن هذا القطاع – إن جاز التعبير – سيكون مصدر صداع لها، إضافة إلى آثاره السلبية على المجتمع.
 

 

نُشِرت في الحياة | التعليقات على على باب السينما مغلقة

قائد المركبة الخفي

قبل سنوات نشرت صحيفة «الرياض» كاريكاتيراً لأحد رسامي الصحيفة أحدث ضجة وقتها، وأظن – إذا لم تخني الذاكرة – أن الرسام أوقف فترة من الزمن، الكاريكاتير يصوّر سيارة من الداخل، السائق جالس في مكانه، لكن مقود السيارة ممتد إلى المرتبة الخلفية أمام امرأة. الرسم عبّر عن حالة مرورية، لكن الرقيب أخذه بمنحى آخر.
من المؤكد أن نسبة من الحوادث المرورية في طرقاتنا سببها التوجيه المتأخر للسائق من السائق الخفي، لينعطف يميناً أو يساراً، أو يتوقف التزاماً بالأمر الصادر، من دون مراعاة أوضاع السيارات الأخرى في الطريق.
العميد محمد البسامي مدير المرور أوضح لي مشكوراً حقيقة إشارته إلى أن النساء أكثر التزاماً بقواعد أنظمة السير، وأنها جزء اقتطع من سياقه في كلمة له بملتقى لتوعية منسوبات التعليم حول القيادة الآمنة، استعداداً ليوم 10/10.
والواقع أن تغريدة حساب وزارة التعليم والأخبار التي نقلت عنه اجتزأت هذه الجملة من كلمة مدير المرور التي أرسل لي نصها، إذ نبه في البداية إلى دور السائق الخفي في الحوادث كما أشرت أعلاه، ثم أبدى تفاؤله بأنه مع قيادة المرأة سيتلاشى السائق الخفي ويبرز السائق الذكي، ولا أعتقد أن أحداً من القراء يختلف معي حول ذكاء المرأة! نأمل أن يشمل هذا الذكاء قيادة المركبة واحترام حقوق الآخرين، ولتأكيد أنها الأكثر التزاماً بقوانين السير «عالمياً»، أرسل لي مدير المرور جملة إحصاءات عالمية، تشير إلى ريادة المرأة في هذا المضمار، أي القيادة الآمنة مقارنة بالجنس الخشن.
وحول الجزء الثاني من المقال عن أحوال الحركة المرورية مع اقتراب دخول الضيوف الجدد للمضمار، طمأنني مدير المرور قائلاً إنهم يعملون حالياً بطريقة مختلفة عن السابق، لبناء استراتيجية جديدة تتغلب على تراكمات مختلفة من تخطيط الشوارع إلى إدارة الحركة، نأمل خيراً، وندعو للإخوة الأعزاء في إدارة المرور بالتوفيق والنجاح في مهمتهم التي طالما انتظرنا تحسناً ملموساً فيها.

 

نُشِرت في الحياة | التعليقات على قائد المركبة الخفي مغلقة