اليمن أولاً

يحتاج التحالف العربي في اليمن إلى إعادة تقييم موقف، لتحقيق أهداف إعادة الأمل وبسط الشرعية نحو استقرار لليمن وسلام لأهله، يحتاج إلى مراجعة أخطائه وأخطاء الشرعية، يحتاج إلى بناء نموذج جاذب لليمنيين في المناطق المحررة من اليمن، الصور من الداخل اليمني أكثر ضبابية بعد مقتل علي عبدالله صالح على يد ميليشيات الحوثي، وليست هناك اختراقات واضحة جلية ميدانية خاصة في صنعاء، تبخّر الحرس الجمهوري، وربما يتحول إلى حرس للحوثي، وحزب المؤتمر الشعبي جناح صالح ليس من المستبعد أن ينضوي تحت جناح الحوثي، بما عرفوا به هم وزعيمهم المقتول من تلوُّن وتقلب، الأستاذ والتلاميذ.
وإعلام الشرعية اليمنية ضعيف وراكد، ولا كأنه إعلام حربي، أما إعلام التحالف العربي فليس بعيداً عنه، فهو يكتفي ببيانات عند الأحداث الكبار، ليس له حضور داخل اليمن يؤثر فيها ومنها، لذلك شاهدنا كيف كانت أحوال الأنباء أثناء مواجهة صالح للحوثي ومقتله، وكيف تم توجيهها لغير صالح الشرعية اليمنية والتحالف.
وحتى لا تفلت الفرصة التاريخية في اليمن، من الضرورة إعادة تقييم الموقف، ومعرفة القوى الفاعلة الحقيقية في اليمن على الأرض، وعدم الانشغال بمزدوجي الولاءات وتجار الحروب من السياسيين والإعلاميين، بقاء السيطرة للحوثي في صنعاء وغيرها وقتاً أطول سيمنحه شرعية الأمر الواقع، وهو ينتظرها ويتمنَّى منحه الوقت لترسيخها أكثر فأكثر.
إن مقولة عدو عدوي صديقي لا تنطبق في اليمن، لأنها غير مبنية على مواقف ثابتة مبدئية، نعم يمكن تحييد من أصبح عدواً للحوثي من بقايا مؤيدي الرئيس المقتول، لكن الاعتماد عليهم فيه خطورة واضحة مع شراء وبيع الولاءات المعروف في اليمن.

نُشِرت في الحياة | التعليقات على اليمن أولاً مغلقة

شهادة مرورية للنساء

تصريح المدير العام للمرور العميد محمد البسامي، الذي ذكر فيه «إن المرأة أكثر احتراماً لأنظمة السير، وهي أحق بالريادة»، لا يُعرف على ماذا استند للخروج بهذه «الحقيقة المرورية»؟ فالاحترام هنا يقصد به – كما أظن – التزام أنظمة السير، ولا يمكن الجزم بمثل هذه المعلومة والمرأة لم تقد سيارة في شوارعنا في شكل رسمي حتى الآن، ويندر إمساكها المقود منذ أن دخلت السيارة بلادنا!
من باب التفسير لا التبرير، يبدو أن للحماسة و«الحفز» دوراً في صدور هذا التصريح، وخصوصاً وقد قيل خلال إطلاق مشروع «قيادة آمنة»، وهو مشروع لتثقيف وتوعية منسوبات التعليم في المملكة بقواعد ولوائح وأدبيات قيادة المركبة. مع أن «الأكثر احتراما لأنظمة السير» لا يحتاج إلى توعية وتثقيف، وإلا فكيف حصل على هذه الشهادة! هنا اقترح على كل امرأة تعتزم قيادة مركبة؛ أن تحتفظ بصورة من «الشهادة، ربما تحتاج إليها مستقبلاً.
إنما لنأخذ التصريح من باب التشجيع على الالتزام، لكن ما لم أفهمه…أكثر هو الجملة الأخيرة، بحسب المنشور، «وهي أحق بالريادة»! يبدو لي أنها تأتي تبعاً لـ«الأكثر»، وليته قال هي أحق بالقيادة لكان الرجال ارتاحوا منها – من قيادة السيارة أقصد – لئلا يذهب تفكيركم بعيداً. تخيل معي لو منع الرجال أسبوعاً من قيادة السيارات لفتح المجال «للأكثر التزاماً بأنظمة السير»، وكيف ستكون طرقاتنا هادئة وجميلة ومعطرة و«ممسكرة»؟!
لنتفق مع شهادة سعادة مدير المرور للمرأة في احترام أنظمة السير؛ المدير دائماً على حق! السؤال المهم والمقلق: هل أحوال طرقاتنا وشوارعنا، من ناحية الإدارة المرورية، جاهزة لاستقبال الضيوف الأكثر التزاماً بأنظمة السير؟ أليس الواقع المروري المر الذي نعيشه سيلوث هذا الالتزام ويجبرهن على اللحاق بالركب لنصبح «في الهوا» المروري «سوا» رجال ونساء؟
 

نُشِرت في الحياة | التعليقات على شهادة مرورية للنساء مغلقة

العجز يولِّد المزايدات

أرى أنه من السهل استدراج الكثير منا إعلاميين أو غير إعلاميين، وفي قضية نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وهو قرار أميركي صرف، نموذج شاهد وساخن على سهولة الاستدراج، تقوم بعض حـــسابات «عــربية» من كل نوع، بعضها يتبع لقنوات أو يعمل فيها، تقوم هذه الحسابات في وسائل التواصل بالنيل من السعودية، أو حشر اسمها في قضية مثل هذه، لينبري البعض بالرد عليها، وفي الأساس هذه الحسابات، سواء سطرت كلمات أو وضعت صوراً مستفزة، هي في واقع الأمر لا قيمة لها، ولا حضور ولا اعتبار، «ولا يهمك كثر المتابعين»، إلا عندما تُغذَّى من قبل بعض منا يهتم بالرد عليها، فلو أهملت وتركت لماتت، فهي تتغذَّى بالاهتمام والتفاعل.
يبرر بعض المتحمسين بأنهم يدافعون عن بلادهم أمام هجمة تشويه تدار في وسائل التواصل، ومع يقيني بصدق هذا، إلا أنهم في واقع الأمر قدَّموا لهذه الحسابات «الأشخاص والمواقع» القيمة، وساهموا من حيث لا يشعرون بتضخيمها، وتحولوا إلى رافعة لها ولما تفرز من صديد.
مواقف المملكة العربية السعودية من القضية الفلسطينية والقدس ثابتة ومبدئية وقديمة قدم القضية، وعانت السعودية بسببها الكثير، أقله الجحود والنكران الذي نلمسه مع كل تشكُّل حدث حولها، واصطفاف بعض المنظمات الفلسطينية مع عدو أعلن عداءه لكل العرب بالقتل والتهجير، لا حاجة لتبيان مواقف المملكة، ولا تصح مقارنتها بغيرها، لأن في هذا تقليلاً من قيمتها.
يشبه هذا الواقع واقع آخر له علاقة مباشرة به، وهو أن قنوات محسوبة علينا صنعت وتصنع «إعلاميين وإعلاميات» من جنسيات عربية مختلفة لغرض «النجومية التجارية»، ثم انقلب بعضهم إما بالتصريح أو بالتلميح وبعض آخر منهم ينتظر، وهنا المُلام هو من صنعهم ورفع من قيمتهم في وسائل الإعلام، هنا نأتي لسوء الاختيار وسوء الإدارة، والتيه الذي تعاني منه بوصلتها الضيقة، إذا كانت لديها بوصلة غير التجارة. أما الإعلاميون «العرب»، الذين يستخدمون الآن منصة قطر بوسائلها الإعلامية المختلفة، فسيأتي يوم قريب ينقلبون على القطريين وعلى قطر نفسها.

نُشِرت في الحياة | التعليقات على العجز يولِّد المزايدات مغلقة

الارتباك وصناعة نموذج

أحالت شرطة الرياض القائمين على عرض أزياء مختلط قامت به «أكاديمية» للتجميل إلى النيابة العامة، وحدد بيان الشرطة الأسباب في ما بين قوسين «حيث ثبتت مخالفة الجهة المنظمة للتعليمات المبلغة في هذا الشأن، وعدم حصولها على التصاريح اللازمة». اتخذت الشرطة هذا الاجراء بعد استنكار في وسائل التواصل اعقبه صدور أمر ملكي بإعفاء محافظ هيئة المشاريع المتوسطة والصغيرة من منصبه، والذي كان حاضراً عرض الأزياء، ثم غرد حسابه في «تويتر» مستنكرا ما صاحب العرض من مخالفات «تستنكر الهيئة ما صاحب افتتاح أكاديمية نضرة للتجميل الأربعاء الماضي في الرياض؛ والذي لا يمثل تقاليدنا الإسلامية، إذ إن العرض المقدم خلال الحفلة لم يكن للهيئة علم به».
هذا المشهد لا يختلف كثيرا عن بعض فعاليات هيئة الترفيه، بعض منها أوقف قبل اقامته، وبعض اعتذر عنه بعد ردود فعل مماثلة، لكن في عرض الأزياء كان المحافظ حاضراً.
هذه المعطيات توضح لنا ان الارتباك هو السائد في تلمس النموذج المقبول دينيا واجتماعيا، وأعتقد والله أعلم ان من الأسباب لهذا الارتباك وعدم وضوح هوية النموذج المناسب ناتج من عزلة المسؤول في المنشأة داخل حلقة ضيقة، وترك مقاليد هذه «الفعاليات» والنشاطات للمتعهدين من شركات التنظيم والعلاقات العامة والإعلان والتسويق، وهي شركات تبحث عن اكبر صدى وجذب بعيدا عن ايجابيته او سلبيته، إضافة الى ان القائمين عليها في الغالب أجانب بعيدون عن المجتمع.
إن التحدي هو في صناعة وترسيخ نموذج مقبول يجمع بين المحافظة على الهوية دينيا واجتماعيا وفتح المجال امام المرأة ونشاطات تعنى بشؤونها، وهذا لن يأتي باستيراد القوالب الجاهزة من الخارج.

نُشِرت في الحياة | التعليقات على الارتباك وصناعة نموذج مغلقة

سهولة الاصطياد

كانت المفاجأة في سهولة قتل أو إعدام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، تبخَّرت الحراسات والقوات الخاصة والحرس الجمهوري هكذا فجأة، وتلاشى معها الدهاء الذي وُصِفَ به. من المدهش أن الثعلب صالح وبعد مواجهات مسلحة يلقي خطاباً صريحاً متلفزاً ضد حليفه الحوثي الإيراني، من دون أن يكون مطمئناً لأمنه الشخصي؟ هذه المعطيات تشير إلى احتمالين، الأول أن قوة صالح المزعومة تآكلت بعد سنوات من تمكينه الحوثي للسيطرة على صنعاء، وأن الحوثي استطاع اختراق ما تبقى من أجهزة موالية لصالح بما فيها حلقته الضيقة، فيما الأخير مثل كل ديكتاتور متفرد يعيش وهم القوة، في حين لم يبقَ له إلا رصيد تاريخي رمزي لزعامة عند مؤيديه، أضف إلى ذلك أن مفاصل الدولة، بما فيها الإيرادات المالية، وهي السلاح المؤثر، أصبحت بيد الحوثي منذ سيطرته على صنعاء، الاحتمال الآخر، أن قوة دولية استخباراتية استدرجت صالح تحت غطاء ضمان الحماية، ليقدم هدية لغريمه الحوثي في صفقة غامضة.
ما يعزز هذا الاحتمال أن كلاً من صدام حسين ومعمر القذافي قتلا بالطريقة نفسها وبتدخل دولي. آخر الروايات عن مقتل صالح أنه قتل في منزله، وبعد التمثيل بجثته نقل بعد ساعات إلى منطقة بعيدة، لتصويره على أنه هارب لكسر معنويات مؤيديه.
رفاق صالح من حزب المؤتمر وبعد قتله والتمثيل بجثته وتصويرها مع عدد من مرافقيه من حليف الأمس «المذهبي» والسياسي، أصبحوا يعيدون تأكيد المؤكد عن الحوثي الإيراني الطائفي وغدره وخيانته، وهذا ما رفضوا الاقتناع به في وقته المناسب طلباً للسلطة.
الآن الشرعية اليمنية برئيسها عبدربه هادي ونائبه علي محسن الأحمر أمام تحدٍّ كبير، وربما فرصة أخيرة، للاستفادة من هذا التطور المهم لقلب المعادلة لصالح الشرعية داخل اليمن، وهذا يحتاج إلى دهاء سياسي، فهل تصدُق فراسة صالح في هادي أم لا?

 

نُشِرت في الحياة | التعليقات على سهولة الاصطياد مغلقة