مجرى الأوادم

أعاد الصديق د. عبيد سعد العبدلي في تويتر تغريدة قديمة لي في عام 2012 تحت عنوان كبسولة علاج، اقتبست فيها بيتاً من الشعر للشاعر المميز طلال حمزة يقول فيها: «مدري أسكت ولا أتهور وأقول.. انه عندي حل واحد ولا هو من الحلول، عدلوا مجرى الأوادم يعتدل مجرى السيول».
والعلاج في الكبسولة واضح وفعال ولو أخذ به لكسبنا وقتاً ثميناً لإصلاح الخلل وخفضنا الخسائر، وتعديل مجرى الأوادم يستدعي أولاً حسن اختيارهم ثم وضع المجرى القدوة لهم، وكلما كان الاختيار لمسؤولية أعلى ومنصب أرفع، وجب أن يكون الاختيار أكثر دقة للوصول إلى الأحسن، لا بد من معايير دقيقة للاختيار تضع المهمة الموكلة في الصدارة.
الأوادم منهم المشكلة ومنهم الحل، من مشكلات غرق المدن إلى المشاريع المتعثرة وقضايا الفساد ذات الأرقام الفلكية، ومع فتح ملف مكافحة الفساد على مصراعيه وحتى يؤتي نتائجه المنتظرة من المواطن ولمصلحة الوطن استقراراً ونماء ولمواجهة الأخطار المحيطة بنا، يجب أن يتوافق معه في مسار مواز فتح ملف آليات ومعايير الاختيار والتعيين، الفساد كوم، وحقيقة التأهيل والقدرة على الفعل كوم آخر، بمعنى قد لا يكون المسؤول فاسداً، لكنه مع الشهادات والخبرات لا يستطيع القيام بالدور المطلوب، هناك سمات شخصية تحتاج إلى فراسة اختيار، تماماً مثل القدرة على اكتشاف النجوم والمواهب الحقيقية، فهي الأخرى موهبة وقدرة لا تتوافر إلا لقلة لا تتأثر بذرابة لسان وذكاء اجتماعي يحجب ما سواه من النقص والقصور.

 

نُشِرت في الحياة | التعليقات على مجرى الأوادم مغلقة

حلّ العقدة

البعض منا مصاب بعقدة تشابه عقدة الخواجة لكنها عقدة مع جنسيات من العرب والمستعربين، لذلك تراه يكتب او يغرد مبدياً سخطه من أنهم يقولون عنا كذا وينظرون إلينا بدونية ويصفوننا بالبدو وجمل وخيمة الى آخره ، وهو من حيث لا يشعر يشير الى دونية يعاني منها، وإلا فلماذا يطالب باعتراف مكانة ممن لا يمتلكها أصلاً. ملخص العلاقة ان هناك فرص عمل مغرية توافرت في بلادنا وهطلت عليها جنسيات من كل دول العالم وحظيت جنسيات عربية بنسبة مهمة من الفرص ومنها من حظي بتعامل خاص وخصوصي لأسباب صورة وهمية رسختها ورضيت بها طبقات من النخب الاجتماعية في الداخل ما دفع بها الى التجذر، واستمر الوضع على هذا المنوال ولم تؤثر فيه خلافات سياسية بين الدول على مراحل مختلفة.
لست في حاجة للاعتراف بمكانة او قيمة من أحد، انت من يصنع مكانتك، لكن إذا وضعت أحداً في دور الاستاذية والنجومية صانعاً منه قدوة فعليك تحمل النتائج، اذا قبلت جعله بطلاً في نكات عليك تتداولها ليتضخم اكثر تحمل ثقل الوزن والدم.
ثم ان سياستنا الخارجــية في محيطها العربي هي ما يصنع القيمة والمكانة للمـــواطــن وصـــورة الوطــــن إيـــجاباً وسلباً، لكنها خلال السنوات الماضية ساهــمت في ترســــيخ حـــصانة، بسبب عدم اتخــاذ مواقف واضحة وحاسمة، لنأخذ مثالاً طازجاً «غير حصري» حـــول هذا، منذ متى ونحن نعلم ان «حزب الله» اللبناني ذراع لإيـــران في الـــعالم العربي؟ ومنذ متى ونحن نعلم انه يقف وراء مؤامرات مسلحة ضد استقرار بلادنا سراً وعلناً؟ الجواب منذ عقــــود! لكن خلال هذه العقود لم يتخذ موقف حازم تجاه مصالحه الاقتصادية ومصالح من يمكن ان يستخدمهم من خارج محيطه الطائفي واللبناني لدعمه، هذا على المستوى الاقتصادي والأمر نفسه في قطاع الإعلام الخاص خصوصاً الذي يراه البعض كبيراً وقوياً لكن ثبت ان تأثيره ضــعيف على رغم كل «العناية» التي تحصل عليها على مدى عقود، هنا فتش عن البوصلة والأدوات.
وبدلاً من ان ننظر للآخر ماذا يعتقد ويقول ويفعل علينا مراجعة ما فعلنا ونتدارك أخطاءنا، حينها لن نصدم بواقع معلوم جرى التغاضي عنه.

نُشِرت في الحياة | التعليقات على حلّ العقدة مغلقة

وطن ومخالف!

انتهت تمديدات المُهل لحملة وطن بدون مخالف، التي تستهدف مخالفي أنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود في السعودية، لكن المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي، أشار في بيان له إلى استثناء المخالفين المصريين ستة أشهر من الآن، بناء على اتفاق مع ممثلي الجهات المعنية عنهم.
ومادام أن المواطن معني وشريك في الوطن وفي حملة «وطن بلا مخالف» و«كلنا أمن»، ومطالب بجملة من الواجبات والمسؤوليات، فمن حقه أن يعلم عن أسباب الاستثناء هذه، وما هي المصلحة الوطنية منها؟ أيضاً كيف سيتعامل هو وغيره مع المخالفين من الجنسية المصرية خلال مهلة الستة أشهر الجديدة، من دون أن يكون عرضة للمخالفة. الشفافية هنا مطلوبة.
من جانب آخر، يرى البعض أن الإعلان عن بدء وانطلاق الحملات المستهدفة للمخالفين فيها إنذار لهم ليتواروا عن الأنظار، بمعنى أنه لا يحقق عنصر المفاجأة، وبالتالي يقلل من نتائج الحملات ويهدر الوقت والجهود.

نُشِرت في الحياة | التعليقات على وطن ومخالف! مغلقة

كل هذا مفيد إذاً

سايرت دول أوروبية حزب إيران اللبناني في الهرب من الأسباب الجوهرية لاستقالة الحريري، إلى تبني مواقف حول ظروف الاستقالة، في محاولة لخلط الأوراق، كما هي عادة إيران وحلفائها. الآن الحريري في فرنسا، وأعلن أنه سيتوجه إلى بيروت الأربعاء المقبل، للمشاركة في عيد استقلال بلد يرزح تحت احتلال إيراني بسلاح ميليشياوي، والاستحقاق هنا في حقيقة موقف «النأي بالنفس»، وهو ما يحتاج الى تعريف دقيق، ألّا يكون لبنان مصدراً لزعزعة الاستقرار في الدول العربية، فحتى على مستوى النفس الشخصية للرئيس اللبناني ووزير خارجيته برز انصهار النفس بالنفس الإيراني!
هذا الانكشاف السياسي مفيد إذا تم استيعابه من القائمين على السياسة الخارجية السعودية، التمدد الإيراني وهوس الهيمنة على المنطقة العربية مشروع قديم كشر عن أنيابه بشعار «تصدير الثورة»، وعلى مدى سنوات سايرته الدول الغربية، ودعمته الولايات المتحدة الأميركية «بالأفعال» في العراق وأفغانستان، ولنترك الأقوال الرنانة والتصريحات النارية التي كثرت أخيراً من سياسيين أميركيين، إنها لا تختلف كثيراً عن تصريحات أوباما تجاه بشار الأسد، أوكلت سورية إلى إيران وروسيا، والأخيرة جاء على لسان وزير خارجيتها أن موسكو لم تتعهد بإخراج ميليشيات إيران من سورية، ولا قيمة لاتفاقات تسرب واشنطن وثائق عنها، فالمهم هو الأمر الواقع على الأرض.
من المفيد ألّا تستدرج السعودية ودول الخليج سياسياً أو عسكرياً، والحذر من النافخين؛ فالأميركي ليس بالحليف الحقيقي، هو صانع ومستغل للأزمات ليستفيد منها، وإذا قارنا بين أميركا وروسيا في المشهد السوري، على سبيل المثال لا الحصر، نرى كيف تخلت أميركا عن تركيا، على رغم وشائج الحلف، وتخلت عن السوريين، الذين شجعتهم بتصريحات «ارحل»، وبجيش حر دربته حتى لا تقوم له قائمة!
هناك أخطاء على مدى سنوات طويلة، تستمد منها دروس وعبر لإعادة تقدير المواقف عربياً ودولياً، وبناء سياسة خارجية وطنية جديدة ،المهم التعلم من الأخطاء، مشروع تصدير الثورة الإيراني قديم، ومواجهته تستدعي بناء استراتيجية طويلة النفس بأدوات مناسبة.
 

نُشِرت في الحياة | التعليقات على كل هذا مفيد إذاً مغلقة

البؤس الإداري

لا تتعلم بعض الأجهزة الحكومية من أخطائها ويتذرع بعضها بعدم المسؤولية عن تلك القضية في حين تلزم أخرى الصمت، على اعتبار أنه من الحكمة! والمواطن يرى أن الأجهزة الحكومية وحدة واحدة تعمل لأجل هدف واحد، لا يعنيه من قريب أو بعيد عدم تناغم وتنسيق في العمل بينها فهذا من مهماتها التي يجب مراقبتها.
عايشنا في السنوات الماضية عدداً من حوادث سقوط أطفال في حفر صرف صحي أو غير صحي، وحوادث سقوط في آبار مهملة، حتى أصبحت قضية رأي عام تنادى لها بعض المواطنين بالتبليغ عن حفرة هنا وخزان مكشوف هناك، مهمل أو سُرق غطاؤه. وفي الأسبوع المنصرم توفي طفل بعمر الأربع سنوات في أحد أحياء جدة، على أثر سقوطه في خزان صرف صحي بجوار منزلة، وبعد أكثر من سبعين ساعة من تبليغ ذويه عن فقدانه تم العثور عليه من الدفاع المدني متوفى في حفرة بعمق مترين.
المسؤولية بنسبة كبيرة محصورة بين البلديات «الأمانات» وشركة المياه مع وزارة البيئة والمياه، ومن الواضح أنهم لا يعلمون عن خرائط حفر وخزانات تعود لهم أنها مهملة مثلها مثل عدادات كهرباء وغرف اتصالات منسية، فالإدارة منصرفة إلى أمور أخرى أكبر وأهم من أخطار تحدق بحياة البشر
في الأسبوع المنصرم أيضاً أبلغ مواطن في الرياض بمقطع مصور عن خزان مياه مكشوف من دون غطاء قريب من طريق يكثر فيه المشاة. الفرق أن أمانة الرياض سارعت لتأمين الحفرة أو الخزان المكشوف مع أنه يتبع لشركة المياه، هذا المبدأ هو ما يجب أن تعمل عليه الأجهزة الحكومية مع بعضها بعضاً، ثم بعد الاطمئنان لشروط السلامة العامة يمكن أن تتحاسب مع الجهة المعنية بالصور الموثقة.

 

نُشِرت في الحياة | التعليقات على البؤس الإداري مغلقة