البهلوان

يصفه من عمل معه بأنه مقنع من الإقناع، وليس من القناع، بعضهم بالغ ووصفه بالعبقري و«الشغيل» انه لا يهدأ ولا يترك مرؤوسيه في هدوء، دائماً ما يلاحقهم بالاتصالات أو الايميلات، سواء كان مستقراً في مكاتبه المتعددة أم مسافراً، وهو للأمانة يريحهم فحين يستقطب الواحد منهم يضع امامه عرضاً مغرياً لا يمكن التفريط به إلا لمن لديه حدس قد يراه الأكثرية من الوسواس، الاستقطاب والتوظيف في الماكينة الصاخبة والمحاطة بألوان تشبه أضواء الألعاب النارية هدف، وقدراته الشخصية متنوعة ذرابة اللسان ولطافة الحضور واحدة منها، فهو متمكن من تقديم نفسه بالشكل المناسب بحسب الوضع والهدف ولديه طاقة على الامتصاص وهي طاقة ضرورية وسط العواصف، لكنه إذا أراد وعلم حجم و«ظهر» من امامه لا يتردد في الإهمال لتقطع كل وسائل الاتصال.
كثيرون ممن لديهم صورة ذهبية عنه تشكلت عن بعد صدموا به بعد ان تعاملوا معه فترة، الصدمات جاءت عند الوصول الى مفصل واضح محدد لا طريق ثالثاً امامه إما يمين او يسار.
القدرة البهلوانية عنده تشبه قدرات الحاوي إذ لا يمل من اطلاق المبادرات والبرامج المتعددة بحيث يتشعب توالدها حتى تتحول الى متاهة ينشغل فيها من حوله.
لكن على رغم كل هذه الصورة المقنعة هناك شيء ما غير مريح في شخصيته شيء غير محدد لا تصفه الكلمات وتدعمه النتائج في الميدان وحينما يطرح رأي مخالف عن ادائه ينبري المستقطبون والذين تم توظيفهم للدفاع، كان مما يقال انه شغيل حتى انه لا يرى اسرته ولا يطلب اجازة، يعتكف في المكتب الى ساعات متأخرة من الليل، هناك شغل شاغل ولمبة حمراء وجدول اجتماعات متوالية وعصف أفكار بورش وقعدات، انما الخافي المستتر انه في حين كان يشغل من حوله بالتفكير خارج الصندوق كان شغله الشاغل ما في داخل الصندوق.

 

نُشِرت في الحياة | التعليقات على البهلوان مغلقة

ملف الاستقدام وشبهات الفساد

في العام الماضي، نشرت صحيفة «الاقتصادية» خبراً عن فضيحة مدوّية لسعوديين في فيتنام، أشارت فيه إلى أن أبطالها سماسرة سعوديون، من بينهم أعضاء في اللجنة «الوطنية» للاستقدام، وتحت عنوان «ترحيل سعوديين من فيتنام رفعوا أسعار الاستقدام 1150 %»، نقلت الصحيفة تصريحاً للسفير السعودي لدى هانوي دخيل الله الجهني، إذ قال: «إن السفارة عملت على تقديم حلول مناسبة لوضع العمالة المنزلية في المملكة، بعد أن لاحظت ارتفاع أسعار استقدام العمالة المنزلية الفيتنامية، لكنها اكتشفت وجود سماسرة سعوديين يتخذون من إحدى الشقق السكنية في العاصمة هانوي مقراً لهم، يعملون على جمع العمالة المنزلية الفيتنامية بكلفة تصل إلى ألفي ريال للعاملة الواحدة، وإرسالها للعمل في المملكة بمبالغ كبيرة تصل إلى 25 ألف ريال، ما يعقّد أزمة العمالة المنزلية في المملكة». وأكد الجهني، أن السفارة اتخذت معهم الإجراءات اللازمة، حتى تتم إعادتهم إلى الوطن». هذا نموذج صغير معلن، أوردته لشفافيته، أما ما يتداول عن أوضاع الاستقدام وتكاليفه، وما يعاني منه المواطن، فهو من الكثرة والحرقة يماثل ما يتداول عن أوضاع المرور. ومع فتح ملف الفساد وشبهاته، واستغلال النفوذ والتنفع بهذا الوضوح وهذه القوة، لا بد من وضع الاستقدام كقطاع في دائرة التحقيق، كيف تم منح لجنة في القطاع الخاص في فترة تاريخية مهمة وعلى رغم تعارض المصالح، صلاحيات في هذا الملف الحساس، حتى تم توقيع اتفاقات مع دول!؟
ولا بد أن يقودنا هذا إلى استعراض استخدام الإعلام ذلك الوقت في ترسيخ صورة ذهنية عن أوضاع الاستقدام من الدول سلباً، ومن استفاد من هذه الصورة ودورها في رفع كلفة الاستقدام على المواطن. وتالياً معرفة أحوال تلك البيئة، والظروف التي نشأت فيها شركات الاستقدام العاملة حالياً، وملكيتها، وملف التأشيرات، خصوصاً أن تلك الإجراءات والتطورات المتسارعة جاءت تحت عنوان «مصلحة الوطن والمواطن»، وتمت في فترة وزير العمل الأسبق.
 

نُشِرت في الحياة | التعليقات على ملف الاستقدام وشبهات الفساد مغلقة

التعامل مع اللبنانيين

يجب التعامل مع لبنان على أنه رهينة، وأن الخاطف الخطر يعمل لمصلحة دولة أجنبية يتعدى عدوانها ومؤامراتها لبنان إلى محيطه العربي، والخاطف مدعوم بعناصر مرتزقة من داخل لبنان سياسية وإعلامية لا همّ لها إلا مصالحها الأنانية.
واللبناني خصوصاً داخل لبنان هو في حكم المختطف بشكل مباشر أو غير مباشر، يستثنى من هذا من تحكم الضرورة تصنيفهم أعداء، وهم الذين يدعمون ذراع إيران أو حزب المخدرات في لبنان، سياسياً أو اقتصادياً وإعلامياً، سواء كان هؤلاء داخل لبنان أم خارجه، فالواجب أيضاً تصنيفهم في قائمة خاصة، سجل للتاريخ والمستقبل، لا تتأثر بتقلباتهم البهلوانية.
غير هؤلاء من المواطنين اللبنانيين في أية بقعة كانوا ومن أي مذهب أو طائفة، لا علاقة لهم بالقضية، ومن الخطأ أن يستدرج بعضنا للمساس بهم تصريحاً أو تلميحاً مهما كانت نظرتنا لسلوكيات وتصرفات سلبية لبعضهم في مجالات أخرى.
من الواضح أن هناك محاولات لإحداث قطيعة مع اللبنانيين ولبنان لتصب في مصلحة حزب إيران ويستغل لتحقيق ذلك كل الممكن وظروف استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري وحذره من التصفية الجسدية كما حدث لغيره من عشرات اللبنانيين، تستغل هي الأخرى للهدف نفسه ضد السعودية والخليج ولبنان الدولة أيضاً في الداخل اللبناني.
الوعي هنا من الأهمية بمكان، فلا يستدرجك استفزاز بتغريدة أو مقالة أو تصريح يمكن الرد على صاحبها من دون تعميم يحقق هدفه، إلا أن هذه المعاملة التي أطالب بها لا يصح أن تعطي انطباعاً على الليونة والرخاوة في الموقف.
لذلك هناك ضرورة للتشدد المستمر والمتصاعد في ملاحقة المصالح الاقتصادية والإعلامية للحزب الإيراني المتمكن بلبنان وقطع قنواتها من مؤسسات وشركات وإداريين ربما تغلغلوا أو تم زرعهم بمفاصل هنا وهناك خلال فترات ليونة سياسية، فالمفتاح في لبنان هو مفتاح اقتصادي لم يستخدم بالشكل المناسب، بل إنه أحياناً أسيء استخدامه ليرتد علينا.

نُشِرت في الحياة | التعليقات على التعامل مع اللبنانيين مغلقة

لبنان أو رهينة إيران

لم يستوعب بعض السياسيين والإعلاميين اللبنانيين خطورة الوضع في بلدهم على الدول العربية عموماً وعلى السعودية والخليج خصوصاً، أو أنهم، بحكم العقلية التجارية وتمرّسهم في الصفقات، استمرأوا هذا الوضع ليجدوا فيه هو الآخر فرصة للارتزاق. استغلوا طويلاً حسن نيّات وصبراً عُرفت به السياسة السعودية في لبنان. والمملكة لا تريد شيئاً من لبنان، بل هي أكبر داعم له من دون فائدة تُذكر على الداخل السعودي، بل إن هذا الدعم أثار الكثير من الاستياء في أوقات مختلفة داخل المجتمع السعودي، لأنه يرى في لبنان قوة مسيطرة تعادي وطنه علناً وتُحيك المؤامرات ضده بتدريب المرتزقة وتسليحهم، وهي ليست سوى رأس حربة لطهران المعادية لكل العرب.
لم يستوعب هؤلاء الإشارات السعودية المتكررة والمنذرة حول خطورة تغوّل حزب إيران في لبنان واختطافه الدولة اللبنانية مستخدماً إياها منصة ضد استقرار السعودية ودول خليجية والعالم العربي عموماً.
لبنان الحالي، بسيطرة حزب إيران، ليس إلا مخلباً لطهران عسكرياً وأمنياً واقتصادياً وإعلامياً، أتاح لها التغلغل داخل النسيج العربي والخليجي تحديداً. ومن حق السعودية الحفاظ على استقرارها ومصالحها المشروعة، وإذا كانت إيران تستخدم لبنان وسياسييه فهذه مشكلتهم التي يجب عليهم مواجهتها بشجاعة.
من مخبأه في بيروت، يدير أمين حزب إيران في لبنان والعالم العربي الخطط لتحقيق أهداف طهران، وخطاباته دائماً متلفزة يجتمع أنصاره، ومنهم قيادات في حزبه، في ساحات لمشاهدته على الشاشة، فلماذا يستكثر على رئيس وزراء لبنان المستقيل سعد الحريري أن يُقدّم استقالته على شاشة فضائية من الرياض؟
ومن مخبأه في لبنان، أعلن أمين ميلشيات إيران في العالم العربي مراراً ولاءه للمرشد في قُم، ورفع الصوت عالياً بأن هدفه إقامة دويلة تابعة لطهران، وصمَت ساسة لبنان وإعلاميوه من الذين يرفعون أصواتهم هذه الأيام، فأين كانت سيادة بلدكم واستقلاله؟

نُشِرت في الحياة | تعليق واحد

أذن الجمل!

عند الحديث عن الفساد الإداري الحكومي في السعودية تبرز عبارة منسوبة لوزير أسبق تقول إنه لم يحصل من الجمل إلا أذنه، في إشارة منه إلى أن «الحصة» التي استولى عليها ليست سوى جزء صغير من الجمل الضخم، ولا يعرف مدى صحة هذا القول ومن نسب إليه، لكنه أصبح على مدى عقود لازمة يتردد كلما طرأ الحديث عن الفساد واستغلال النفوذ، وإشارة مبطنة نوعاً ما إلى أن الفساد منظومة لكل طرف فيها حصة معينة.
وخلال عقود كنا نشاهد من بعيد أن الجمل يتعرض للكثير من سوء المعاملة على رغم خدمته الطويلة وصبره مع إخلاصه وتعدد مزاياه، ولم يكن لدى البعض مانع من معط كبد الجمل وكليته وعض سنامه كلما أمكنه ذلك على رغم أنه يحمله في قيظ الصحراء، وبعدها لا مانع من أن يصور معه مبتسماً، من دون مراعاة أو إحساس بالإنهاك الذي أصاب الجمل.
ومن العبارات الشهيرة التي يحلو لبعض القراء الرد بها حين أطرح قضية تهم الناس قولهم «الشق أكبر من الرقعة»، في دلالة على اليأس، وقولهم «ما شفت إلا ذا؟»، وهي نتيجة تراكم إحباطات ثقيلة من مشاهدات لسوء التعامل مع الجمل، وإذا لمس المواطنون حرصاً على الجمل وعناية به ورعاية له، ليكون قادراً على حمل الكل، حتى ينقلهم جميعاً إلى مرحلة أفضل لهم ولأبنائهم، فلا شك في أن هذه الإحباطات ستنحسر.

نُشِرت في الحياة | 2 تعليقان