القدس في القمة

لم تستغل قضية القدس مثلما استغلت من قبل نظام خامنئي وأعوانه من أشباه العرب المدججين بالخطابات النارية والوعيد والتهديد «الإعلامي» لإسرائيل. المزايدة على القضية الفلسطينية والقدس من أولويات خطاب النظام في طهران منذ ثورة الخميني، لكنها لا تتعدى الخطابات والتصريحات، أما الأفعال على الأرض فهي تعمل بشراسة لتقويض وإجهاض أي فرصة للسعي في استرداد حقوق الفلسطينيين، وتعمل بدأب على زعزعة الاستقرار في كل دولة عربية تطالها، يعاونها بعض من الفلسطينيين ممن خنع لخامنئي وأصبح أداة مطواعة في يده، ليختص في إصدار بيانات التأييد المبطن للعدوان الإيراني.
استعادة قضية القدس وفلسطين إلى واجهة المشهد السياسي عربياً في قمة الظهران، وإعادة التأكيد على المواقف التاريخية الثابتة للمملكة تجاهها، ضربة معلم أصابت هدفها، ونزعت من نظام طهران وعملائها سلاحاً دائماً ما تستغله للاستهلاك الإعلامي.
سنوات سبع فضحت حقيقة «الممانعة»، لتحدد بوضوح لا يقبل الجدل وجهة وأهداف المليشيات الطائفية التي زرعتها إيران في الدول العربية، فالقدس والقضية الفلسطينية ومواجهة «قوى الاستكبار» ليست سوى شماعة كسبت بها عواطف السذج، والواقع الدامي يشهد في سورية واليمن والعراق كيف استطاعت إيران بهذا اللباس إخفاء هدفها الاستراتيجي، ومَنْ لم يستيقظ بعد كل هذا الدمار لن يستيقظ، ولا يصح أن ينظر إليه على أنه جزء من الجسد العربي المشتت، بل هو جزء دخيل مزروع ولاؤه لإيران ولا يملك لا رغبة ولا قدرة على تغيير هذا الولاء.

نُشِرت في الحياة | التعليقات على القدس في القمة مغلقة

نظام إرهابي لا يُمس

الغرب لا يريد إطفاء لهيب الحرائق في سورية بل تغيير لون اللهب، ليس هدفه تغيير النظام ولا إزاحة نظام الأسد ولا زيادة التوتر!
هذا معلن بصريح العبارة، ولم يجد بعد البعض من تعليق على الضربة الجوية الغربية لمواقع لجيش نظام الأسد في سورية أو تخريج لها سوى أنها رسائل إلى روسيا. لكن أين إيران من كل هذا؟
نظام طهران في سورية أكبر المستفيدين مما يحدث وأقل المتضررين، ولم يمسه سوء من القصف الصاروخي الأخير ولا ما سبقه، على رغم أنه يشارك بالعدة والعتاد نظام الأسد الكيماوي منذ سنوات في القتل والتهجير، مستقدماً ميليشيات المرتزقة الطائفية لإنقاذه، مستمراً بخرق قرارات مجلس الأمن في اليمن.
تبدو إيران غير مرئية في المشهد الصاروخي، وكأنها ليست «أساس» البلاء، تبدو مثل ضيف شرف مطلوب من كل الأطراف الفاعلة.
يبني نظام طهران في سورية مستوطنات إيرانية ويزرع المستوطنين الجدد من أفغانستان وإيران في أرض السوريين المهجَّرين ويمارس التطهير الطائفي والعرقي، وكل هذا لا يمس ولا تأتي قرارات أممية على ذكره. هذا التعامي الغربي على ما تفرضه إيران من أمر واقع، مع عدم المساس بقواتها المنتشرة في معظم أراضي سورية ودعمه للإرهاب العابر للحدود في أكثر من دولة ماذا يعني؟
ما يجري من تعامٍ غربي ومساندة روسية لا يستهدفان في المحصلة سوى تمكين نظام طهران من الأرض السورية، استكمالاً لما جرى في العراق، وسواء أكان هناك خلاف حول بقاء الأسد أم إزاحته، فإن غير المختلف عليه هو بقاء حضور نظام طهران وسيطرته على سورية.

نُشِرت في الحياة | التعليقات على نظام إرهابي لا يُمس مغلقة

ضرب الحبيب

بعد كل هذا الشحن الإعلامي «العنتري»، كشفت الضربة الصاروخية الغربية عن حقيقة الموقف الغربي (الأميركي – الأوروبي) حول ما يحدث في سورية من قتل وتهجير منذ سبع سنوات، اتجهت الصواريخ إلى مواقع تم إخلاؤها، حددت مسبقاً واتفق عليها في الاتصالات الساخنة بين واشنطن وموسكو.
ارتاحت الأخيرة وحفظت واشنطن ماء وجه رئيسها، وخرج النظام في دمشق «مقاوما» وحصلت طهران على ذخيرة إعلامية حول «قوى الاستكبار»، تستخدمها في الداخل الإيراني وفي وسط المحيط المخدوع بها.
لم تحدث حرب عالمية ولن تحدث، لأن الاتفاق على تفريغ سورية من سكانها «العرب السنة» قائم وهو الهدف الكبير الذي يراد إنجازه، والأداة ميليشيات إيرانية على الأرض «محصنة من الضربات»، وفي الجو قوات روسية، كل هذا مغلف بنفاق غربي ملون بالشجب والتنديد.
رسالة الضربات الصاروخية لنظام الأسد ونظام خامنئي تقول «اقتل، ولكن لا تستخدم الكيماوي فهو سلاح قديم يعكر مزاج شعوبنا المتقدمة، ويعري اتفاقات دولية لحظر استخدامه تم التوقيع عليها.. اقتل بأي سلاح، استقدم من شئت من الميليشيات الطائفية، وطّن الإيراني والأفغاني في أرض سورية، وإذا رفض أهلها الهجرة بالباصات قم بتهجيرهم بقصفهم بالطائرات، لكن لا تستخدم الكيماوي فهو سلاح قديم معيب عفى عليه الزمن ونحن في القرن الـ21 هناك أسلحة أكثر حداثة.
أعلن الغرب صراحة أن هدفه ليس نظام دمشق «ولن يكون»، وعلى رغم أنه المسؤول بالشراكة مع نظام خامنئي عمّا آلت أليه الأوضاع في سورية والمنطقة العربية.. أعلن الغرب بالضربات الجوية أن الانسان السوري مسموح قتله وتهجيره، الخلاف فقط على نوع السلاح المستخدم.

نُشِرت في الحياة | التعليقات على ضرب الحبيب مغلقة

شاهد اعتراض صاروخ

الهوس بتصوير مواقع اعتراض وسقوط شظايا صواريخ الميليشيات الحوثية الإيرانية ليس له مبرر سوى سذاجة واستهتار بأهمية وخطورة تقديم هذه المعلومات للعدو. إيران عدوة والحوثي عدو وكل المتعاطفين معهما الظاهرين والمندسين، فهل من المعقول أن تتحول إلى ما يشبه جاسوس متطوع للأعداء؟!
هذا الهوس أساسه البحث عن الأضواء ولفت الانتباه وحصد المتابعين وأيضاً اللقافة، وإلا فما الفائدة التي يجنيها شخص صور ونشر وآخر سارع بوضعها في حسابات التواصل مع دعاء بأن يحمي الله الوطن؟! فما هو دورك أنت في حماية الوطن، ألا تستطيع كبح جماح رغبتك في الانتشار لأجله؟
ومن المستغرب أنه لم تقم جهة رسمية بتجريم هذه الممارسات على رغم كل الضخ الإعلامي التوعوي والتحذيري القانوني أحياناً من سوء استخدام وسائل التواصل في ما يخص خصوصية الفرد، فكيف بمعلومات ينتظرها العدو ليعيد استخدامها في حربه الإعلامية النفسية ويخطط مستفيداً منها لعدوانه العسكري.
إن التهوين من هذه الممارسات مرده التعود عليها، وهو مماثل لمن يسخر من قضايا خصوصية البيانات للأشخاص في حين يرفض مؤسس أكبر شركة عالمية «فايسبوك» تستغل بيانات الأشخاص، مشاركة معلومات شخصية «عادية» عنه مع الآخرين.

نُشِرت في الحياة | التعليقات على شاهد اعتراض صاروخ مغلقة

تأملات في التجربة

تفضّل نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بإهدائي نسخة من كتابه «تأملات في السعادة والإيجابية». في الكتاب لمحة مكثفة عن تجربة تحديات التنمية في إمارة دبي، العقبات والإنجازات، وإذا تأملت واقع دبي الإمارة الآن، لا شك سيلفت نظرك حضور جيل جديد من الشباب الإماراتي على مختلف الصعد.
في منتدى «الإعلام العربي 2018»، أدار شبان وشابات الإمارات باقتدار تنظيم فعاليات منتدى هو الأشهر والأكثر استقطابا للإعلاميين، فالثروة الحقيقية هي جيل متعلم يعي الدور المنتظر منه، ويستوعب التحديات المتغيرة. في الكتاب، يرى الشيخ محمد بن راشد أن الأزمات إيجابية «نتعلم منها وتجبرنا على التواضع وتظهر أقوى طاقتنا»، وأن الإنسان الإيجابي يصنع حظه ولا ينتظر الحظ يبتسم له، وبعبارة صريحة يقول: «يقولون إن دبي ابتسم لها الحظ، وتهيأت لها الظروف، وتغيرت الأحوال لمصلحتها، وأنا أقول عندما يريدون التقليل من مجهوداتك فإنهم ينسبون نجاحك للحظ». ثم يقدم نبذة مختصرة عن وضع دبي سابقاً، إمارة صغيرة اقتصادها يقوم على تجارة اللؤلؤ الطبيعي، وبعد اكتشاف اليابانيين لتقنية تصنع اللؤلؤ وجد الناس أنهم بلا عمل وفقد الكثير منهم مصدر الرزق، وكيف عمل والده الشيخ راشد بدأب ونظرة استشراف بعيدة على مواجهة الأزمة ليواصل الشيخ محمد السير على دربه فتتحول دبي إلى مركز حيوي للتجارة العالمية يجمع بين الشرق والغرب. تميزت الإدارة في دبي بالأسبقية. إنها تسبق بخطوات وتبحث عن الجديد. وعن السعادة، فلا شك في أن حديث الحكومات عن السعادة أمر مستغرب، والشيخ في كتابه يستغرب استغراب البعض من هذا الحديث، وسبب استغراب البعض هو دور الحكومات الذي عرفوه وخبروه منذ ولادتهم، فلا يتوقعون تغيّر هذا الدور، فهو دور المتحكم، لكن للشيخ محمد في هذا طموح وتحدٍ يختصره بهذه العبارة البليغة «وظيفة الحكومة تمكين الناس وليس التمكن منهم».
«دبي الحاضر» شاهدة على الريادة الإدارية للشيخ محمد بن راشد، وإذا استطاعت الحكومات إشاعة وزراعة الرضا في وجدان المواطنين لتكون المساعدة والإرشاد والتمكين هدفها وصلب تعامل موظفيها مع مواطنيها، فهي من دون شك ستوفر الأمل وتحفز على العمل بسعادة.

نُشِرت في الحياة | التعليقات على تأملات في التجربة مغلقة