الجرب في التعليم

كان الأطفال حينما يتخاصمون زمان، وتصل الخصومة حد الزعل، يقول أحدهم للآخر: «جرب».. وأحيانا «جريب» تصغيراً للجرب بحسب حجم الخصومة، وهو إعلان للقطيعة؛ فالمرض يحتّم عدم المخالطة، والخلافات بين الأطفال تفعل الفعل نفسه، فالجرب كان معروفا ومنبوذا من يصاب به.
فجأة ظهرت حالات من مرض الجرب في مدارس وتركزت عليه الأضواء، لتعلن حالات إضافية منه هنا وهناك، ويبدو أن تركز الأضواء على أمر ما أو قضية يزيد من حضورها، أو لنقل تشد الانتباه لها والبحث عنها ثم تسليط الضوء عليها، والمرض سببه حشرة تنتشر في البيئة غير النظيفة والملامسة، إضافة إلى استخدام أدوات المصاب بالجرب تنشر العدوى، وفصول المدارس «المزدحمة» من أن سب البيئات لذلك.
عدم الاكتشاف المبكر للمرض والتعامل معه، إضافة إلى إعلان حالات في مدارس أخرى مختلفة بعيدة عن بعضها، يؤكد وجود خلل في الجهاز العصبي لوزارة التعليم، كبر حجم الوزارة وتعدد المستويات الإدارية وتركز الاهتمام على ما يثار في الاعلام أو ما تثيره تصريحات الوزير في الإعلام، جعل المدرسة ركناً قصياً نائياً عن الوزارة الأم، ربما هذا سيعيد تفعيل ملف الصحة المدرسية وأهمية وجودها، فالطلبة أمانة في يد وزارة التعليم والمحافظة على صحتهم من مسؤولياتها، وإذا كان الجرب مرض يكشفه كثرة الحكة الشديدة وظهور البثور فإن الجرب الإداري صعب اكتشافه، لأنه متلون ويظهر بـ«زيٍّ» براق نظيف وقد يجد من يروج له على أنه علاج فعال.

نُشِرت في الحياة | التعليقات على الجرب في التعليم مغلقة

العنوان الوطني

حملة مكثفة مع كل رسالة تقريباً على الهاتف الجوال من جهات مختلفة، أهمها البنوك وشركات مرافق عامة، وفي كل شاشة تطالعها تظهر لك مثل هذه الرسالة: «ضرورة التسجيل في العنوان الوطني وإلا…!، فالبنك على سبيل المثال يطلب المبادرة بالتسجيل «لاستمرار تعاملاتك البنكية»، والاشتراط واضح بما لا يدع للنفي أثراً في طمأنة المواطن الذي سيفكر أنه سيحرم من عصب الحياة، ما أدى إلى ارباك وارتباك.
ولأن الحملة ترسل زخات على الجوالات للجميع أدت إلى التشويش على من هو مسجل أساساً في العنوان الوطني ويتعامل به منذ زمن، وصار المواطن يتساءل؛ هل تسجيله السابق ثابت أم يحتاج إلى تجديد أو تحديث، وهل تسجيل عنوانه وصل إلى هذه الجهة أو تلك أم يجب عليه هو أن يثبته لهم ورقيا؟
«التقنية» في المفترض أنها تسهل الأعمال والتواصل ما بين الجهات والأفراد الذين تخدمهم، لكنها بالصورة التي أديرت بها حملة «التسجيل في العنوان الوطني» أدت إلى نقيض هدفها، فمن أسهل الأمور على الجهات الحكومية أو الخاصة إطلاق الرسائل.
إذا كان الفرد أو العميل أو المشترك، مسجل في العنوان الوطني فالمفترض ألا ترسل له رسالة ولا يطالب به عند دخوله حسابه في شركة أو بنك، ولا أعتقد أن هذا عصي تقنيا.

نُشِرت في الحياة | التعليقات على العنوان الوطني مغلقة

فضيحة في المريخ

مع أن وسائل الإعلام العالمية أولت اهتماماً كبيراً بالفضيحة الأخيرة لشركة «فيسبوك» التي طاولت بيانات أكثر من 80 مليون مستخدم لشبكات التواصل الاجتماعي، فإن جهاتنا الرسمية المعنية بالتقنية والاتصالات، من وزارة الاتصالات إلى هيئة الاتصالات، لم تتفاعل مع هذه الأخبار، وكأن الفضيحة حدثت في كوكب المريخ! وهو ما يشير إلى أن مدى اهتمام هذه الجهات بخصوصية بيانات مستخدمي وسائل التواصل من المواطنين والمقيمين في بلادنا اهتمام منخفض، إن وجد.
المفترض أن وزارة الاتصالات والهيئة التي تشرف عليها، هي الجهة المعنية بالعمل على عدم انتهاك بياناتنا، لكننا لا نرى أي حضور منها، فهل هي مطمئنة إلى الوضع، أم تعمل بالمثل الشعبي «الموت مع الجماعة رحمة»؟
من المتوقع أن فضائح الشبكات الاجتماعية العالمية من هذا النوع ستتوالى، بعد فضيحة «فيسبوك»، فخلال السنوات الماضية استخدمت وسائل التواصل الاجتماعية والإعلامية للاستقطاب السياسي والفكري، بما فيها التجنيد والترويج للجماعات الإرهابية، إضافة إلى «فخاخ» النصب المالي، من دون رد فعل نوعي من الجهات المعنية.
وقبل تفشي هذا، وقبل توسع الاهتمام بوسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد، كانت مؤشرات مستقبل الإعلام وتغيراته واضحة للمراقب والمهتم، إذ فكرت أنا وعدد من الأصدقاء في أهمية إيجاد وسائل تواصل وإعلام رقمي لنا تحت إدارة محلية تنشأ من بلادنا، لتدير ولا تدار من الخارج، وبالفعل تم إجراء دراسة جدوى معمقة، مع خطط تنفيذية من خبراء في التقنية والإعلام، حول أحدث ما تم التوصل إليه، وتوقعات المستقبل وتوجهاته، لكنها للتنفيذ احتاجت إلى تمويل وإسناد، ولم يتحقق ذلك، على رغم محاولات حثيثة مع جهات رسمية وقطاع خاص لتبني الفكرة. في ذلك الوقت لم ير محفزا، فالقطاع الخاص يبحث عن ربح سريع، والقطاع العام كان في عالم آخر.

نُشِرت في الحياة | التعليقات على فضيحة في المريخ مغلقة

ثراء الحوثي الفاحش

في بلد تتناقل وسائل الإعلام أنه مهدد بالمجاعة، وتعقد المؤتمرات والدعوات لجمع المانحين لإغاثة سكانه. في اليمن، تم إحراق مخازن تابعة لبرنامج الغذاء العالمي تقدر كميات المواد الغذائية فيها بنحو أربعة آلاف طن، وهي من منح الجهات الاغاثية العربية والعالمية، واندلع الحريق في الثالثة فجراً، وقالت الميليشيات الحوثية الإيرانية «إن الأسباب عرضية»، لكن مصادر قريبة من «برنامج الغذاء» شككت في هذه الرواية، وذكرت أن سبب الحريق فشل الحوثي في إطلاق صواريخ لاستهداف ناقلات للتحالف العربي.
وعلى رغم مرور أسبوع على إحراق مخازن الغذاء الاغاثية، لم يعلن برنامج الغذاء التابع للأمم المتحدة أنه بصدد تحقيق في الحريق ومن يقف وراءه، واكتفى بإعلان عزمه على تقييم الضرر؟ وهذا مثار تساؤل عن مسؤولية البرنامج العالمي عن أموال المانحين وحاجة الشعب اليمني.
التجويع واحد من أسلحة الميليشيات الحوثية الإيرانية، مثله مثل التهجير في كل مكان تغولت فيه أدوات إيران، لكن الإعلام والصحافة الغربية لا تسلط الضوء على جرائم الحوثي مثلما لا تسلطها على جرائم طهران.
السفير الأميركي في اليمن ماثيو تولر في تصريح نشره موقع المشهد اليمني، اعترف قائلاً: «إن الصحافة الغربية تتحدث كثيراً عن ما يرتكبه التحالف من هجمات ضد المدنيين، لكنه نادراً ما يجد اخباراً أو مواد إعلامية تتحدث عن جرائم الحوثيين وما تسببوا به، وعن الفساد الكبير الذي أثرى قيادات تلك الجماعة ثراءً فاحشاً، إضافة إلى الكوارث التي تسببوا فيها من خلال زرعهم الألغام».
وما ذكره السفير هو جزء من جرائم الحوثي في حق اليمنيين قبل غيرهم، وهي تعدت ذلك إلى خرق قرارات أممية صريحة واستهتار بها.
من غير المستغرب أن تصبح عصابة انتهازية مثل قيادات الميليشيات الحوثية الإيرانية أكثر ثراء لحد أن يصفه دبلوماسي بمرتبة سفير، بالثراء الفاحش! وربما نجد مجموعة منهم في القوائم العالمية للأكثر ثراء على حساب تجويع وتشريد الشعب اليمني.

نُشِرت في الحياة | التعليقات على ثراء الحوثي الفاحش مغلقة

حماية حقوق «رب العمل»

ليس هناك إحصاء يعتمد عليه لمعرفة حجم عدم الوفاء بحقوق العمالة المنزلية، وبخاصة صرف الرواتب في مواعيدها، لكن من وقائع محددة ولا يمكن تعميمها، شوهت صورة رب العمل أو الكفيل، بمعنى أن أفراداً ظلموا عمالة لديهم فتم تعميم الصورة على الجميع، من هنا استخدمت دول تصدير العمالة هذه الصور للضغط، حفاظاً على حقوق مواطنيها، وهذا من واجبها، لكن من جهتنا، لم تضع وزارة العمل في حسبانها حقوق «رب العمل» عند رفض العمل أو الهرب، وغيرهما مما يحدث في هذه العلاقة.
ولحسم الإشكالات في الرواتب تم الاتفاق بين وزارة العمل و«ساما» على استخراج بطاقة مصرفية للعمالة المنزلية يودع فيها الراتب، لكن هذه البطاقة يجب أن تكون مربوطة بحساب الكفيل ولا تستخرج إلا بموافقته وحضوره، ويوقع «سعادته» على اتفاق فيه ما «لذ وطاب» من الالتزامات لمصلحة البنك.
ومع أن حل «المشكلة» سهل جداً؛ فالأصل أو الهدف أن يتوافر لدى جهة رسمية إثبات صرف الحقوق في وقتها إذا حدث خلاف يتم الرجوع إليه، وكان الإجراء الأسهل هو أن تسهّل المصارف فتح حسابات للعمالة المنزلية، أليس من حق العامل أو العاملة، وهم يعملون وفق الأنظمة ولديهم عناوين ومقيمين في البلاد، فتح حسابات مصرفية؟
الواقع أن المصارف لا ترحب بذلك، لأنها تبحث عن أكبر ربح بأقل كلفة ولا تريد فتح حسابات جارية للعمالة المنزلية ما أمكن ذلك، لهذا اتفقت مؤسسة النقد مع وزارة العمل على ربط إصدار بطاقة العمالة المنزلية بحساب الكفيل المصرفي، حتى يحصل المصرف على مبلغ سنوي مع الضريبة (95 ريال)، ولو فتح المصرف حسابا جاريا لن يستفيد مثل هذه الرسوم ولا يتحقق تنويع لدخله.

الطريف، وعلى الطريقة المصرفية، أن بعض المصارف إذا توافر لديها حسابات جارية للعمالة تغلقها لفتح حساب على الطريقة الجديدة، مستفيدة من عدم وضوح الإجراءات.

النتيجة: أن الدول المصدرة للعمالة حافظت على حقوق مواطنيها، ومؤسسة النقد جلبت مزيدا من الدخل للمصارف، ووزارة العمل أوفت بحقوق العمالة و«فرطت» بحقوق رب العمل.. المواطن!

نُشِرت في الحياة | التعليقات على حماية حقوق «رب العمل» مغلقة